في مشهد يخطف الأنفاس ويحرك أوتار القلوب، ردد ملايين المسلمين حول العالم عبارة مؤثرة هزت الحرمين الشريفين اليوم: "فظللْتُ أستغفرُ اللهَ منها ثلاثينَ سنة". هذه الكلمات التي انطلقت من منابر المسجد الحرام والمسجد النبوي، تُرجمت فورياً إلى 15 لغة عالمية، لتصل إلى قلوب المؤمنين في أقاصي الأرض، في لحظة روحانية لن ينساها التاريخ.
وسط أجواء إيمانية خاشعة غمرت ساحات الحرمين، شهد اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025 خطبة استثنائية ركزت على فضائل الاستغفار وأثره العجيب في حياة المؤمن. أحمد الطائف، 45 عاماً, الذي حضر الخطبة من الرياض، لم يستطع حبس دموعه: "عندما سمعت قصة السلف الذي استغفر ثلاثين سنة، شعرت أن حياتي كلها بحاجة إلى مراجعة. قررت أن أبدأ رحلتي مع الاستغفار من اليوم". المشهد كان أشبه بنهر بشري متدفق من الثياب البيضاء، تتعالى منه همهمات التسبيح والاستغفار.
هذا التجمع الروحاني الضخم لم يكن مجرد صدفة، بل ثمرة جهود مكثفة بذلتها رئاسة الشؤون الدينية لاستقبال ضيوف الرحمن. مثل أيام الصحابة الأولى حين كان المسجد النبوي يضم جميع أجناس المؤمنين، تحول الحرمان اليوم إلى ملتقى عالمي يجمع القلوب على كلمة واحدة. د. محمد الحارثي, المرشد الديني الذي يخدم الزوار منذ 15 عاماً ويتقن 5 لغات، أكد: "نشهد اليوم انتشار الخطبة كانتشار النور في الظلام، والترجمة الفورية تعمل كجسر لغوي يربط قلوب المؤمنين عبر القارات".
لكن التأثير الحقيقي لهذه اللحظات المقدسة يمتد إلى ما هو أعمق من مجرد الاستمتاع الروحاني. فاطمة أندرسون من السويد, التي أسلمت حديثاً وتتابع الخطبة بالترجمة الإنجليزية، تشاركنا تجربتها: "لأول مرة أفهم معنى أن تشعر بالسكينة الحقيقية. هذه الكلمات عن الاستغفار غيرت نظرتي للحياة كلها". الخبراء يتوقعون ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المعتمرين خلال الأسابيع القادمة، بينما تتزايد عمليات تحميل تطبيقات الترجمة الدينية بشكل غير مسبوق. المملكة تسعى لتوسيع خدمات الترجمة إلى 30 لغة عالمية، مما يفتح المجال أمام 2 مليار مسلم إضافي للاستفادة من هذه الكنوز الروحانية.
في النهاية، تجسد هذه اللحظات الخالدة رسالة الحرمين الأبدية: أن خدمة ضيوف الرحمن شرف ومسؤولية لا تنتهي. يوسف التركي, المترجم الذي يعمل في فريق الترجمة منذ 10 سنوات، يلخص الأمر: "نحن لا نترجم كلمات فقط، بل ننقل مشاعر وأحاسيس تصل إلى أعماق النفوس". المملكة تواصل رحلتها نحو جعل الحرمين منارة تقنية ودينية للعالم أجمع، بقلوب مؤمنة وتقنيات عصرية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون ثلاثون سنة كافية لك للتوبة النصوح، أم ستبدأ رحلة الاستغفار من اليوم؟