في تطور صادم يهز التقاليد الفرنسية العريقة، كشفت دراسة حصرية أن متوسط تكلفة عشاء عيد الميلاد وصلت إلى 119 يورو، بارتفاع مدمر بلغ 20% منذ عام 2021. الأرقام المرعبة تكشف حقيقة مؤلمة: ارتفعت أسعار الحلزون - رمز الفخامة الفرنسية - بنسبة 57% خلال أربع سنوات فقط، محولة هذا الطبق التقليدي من متعة عائلية إلى ترف لا يستطيعه سوى الأثرياء.
ماري دوبون، الأم الفرنسية من ليون، تقف أمام رفوف السوبر ماركت وهي تمسك بآلة حاسبة صغيرة. للمرة الأولى منذ عشر سنوات، تضطر لحذف الشوكولاتة الفاخرة من قائمة عيد الميلاد لأطفالها الثلاثة. "لم أتخيل أن أختار بين الحلوى والحلزون يوماً ما"، تتنهد ماري وهي تراجع فاتورتها للمرة الثالثة. دراسة مركز سيركانا الفرنسي تؤكد مخاوفها: 29% من الفرنسيين يخططون لإنفاق أقل هذا العام، في حين سجل متوسط الإنفاق 491 يورو - أقل رقم منذ 2017.
وراء هذه الكارثة الصامتة تكمن أزمة عالمية مدمرة: دولتان أفريقيتان صغيرتان - غانا وساحل العاج - تتحكمان في 70% من إنتاج الكاكاو العالمي، وضعف إنتاجهما دفع أسعار الشوكولاتة للارتفاع بنسبة 7%. "كما أثرت الحرب العالمية الثانية على مائدة عيد الميلاد الفرنسية، تؤثر الأزمات الاقتصادية العالمية اليوم على تقاليد الأعياد"، تحذر د. جولييت فافر، خبيرة اقتصاد الاستهلاك. لكن ليس كل شيء قاتماً: انتهاء موجات إنفلونزا الطيور خفض أسعار الفوا غرا بنسبة 2.4%، بينما هبطت أسعار السلمون المدخن 6.9%.
في مطاعم باريس الراقية، يشهد بيير مارتين - صاحب متجر للمأكولات الفاخرة - مشهداً لم يعتد عليه: زبائن يحسبون كل يورو قبل الشراء، وأمهات يسألن عن البدائل الأرخص للمرة الأولى. التأثير النفسي مدمر: عائلات تعيش توتراً حقيقياً وهي تختار بين الحفاظ على التقاليد والحفاظ على الميزانية. "ميزانية عشاء عيد الميلاد أصبحت كميزان حساس، كل يورو إضافي يخل بالتوازن"، يصف مارتين الوضع. خبراء الاقتصاد يحذرون من سيناريو أسوأ: إذا استمرت الأزمات العالمية، قد تصل تكلفة السلة إلى 150 يورو خلال سنوات قليلة.
بينما تتصاعد أصوات قرقعة آلات الحاسبة في المطابخ الفرنسية، يواجه الفرنسيون أصعب اختبار لهويتهم الثقافية منذ عقود. السؤال المؤرق الذي يطرح نفسه في كل بيت فرنسي اليوم: هل نشهد نهاية عصر عيد الميلاد الفرنسي التقليدي كما نعرفه؟ الإجابة تكمن في قرارات ملايين الأسر التي ستتخذها خلال الأيام القليلة القادمة، في صمت مؤلم بين أرفف السوبر ماركت.