في كشف صادم هز المجتمع السعودي، ضبطت الإدارة العامة للمرور 1652 مركبة تنتهك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بوقاحة، مسرقة أماكن وقوفهم المخصصة في جميع أنحاء المملكة. هذا الرقم المذهل يعني أن مركبة كل 52 دقيقة تقريباً تسرق مساحة من شخص يحتاجها أكثر من أي شخص آخر. الحملة الميدانية الشاملة كشفت حجماً مروعاً من الانتهاكات التي تحدث يومياً ضد أشقائنا من ذوي الإعاقة.
أحمد المالكي، 45 عاماً، يستخدم كرسياً متحركاً منذ عقدين، يصف معاناته اليومية: "كل يوم أدور لساعات باحثاً عن موقف مناسب، فأجد المخالفين قد سرقوا أماكننا دون أدنى اعتبار لحاجتنا". الحملة التي شملت جميع مناطق المملكة الـ13 كشفت أن هذه ليست حوادث فردية، بل ظاهرة منتشرة تؤثر على آلاف الأشخاص يومياً. النقيب سعد العتيبي، ضابط مرور متخصص في حماية حقوق ذوي الإعاقة، يؤكد: "الأرقام التي ضبطناها تعكس مشكلة أخلاقية عميقة في المجتمع".
هذه الحملة تأتي ضمن جهود المملكة المتواصلة لتطبيق رؤية 2030 في بناء مجتمع شامل ومتكافل. د. منى الشهراني، خبيرة حقوق ذوي الإعاقة، تربط بين هذه الحملة وحملات تطبيق حزام الأمان في التسعينيات التي غيرت سلوك المجتمع جذرياً. "المطلوب الآن تغيير ثقافي عميق يجعل احترام حقوق ذوي الإعاقة جزءاً من هويتنا الاجتماعية"، تقول الشهراني. الأسباب وراء هذه الانتهاكات تتراوح بين ضعف الوعي وأنانية مفرطة لا تليق بقيم مجتمعنا.
التأثير الحقيقي لهذه الانتهاكات يتجاوز مجرد إزعاج بسيط - إنه سرقة لكرامة وحرية أساسية. فاطمة أحمد، أم لطفل من ذوي الإعاقة، تروي: "ابني يسألني لماذا لا نستطيع الذهاب للمول مثل باقي الأطفال؟ كيف أشرح له أن هناك من يسرق حقه في المكان؟" الخبراء يتوقعون تحسناً تدريجياً في السلوك العام، لكنهم يحذرون من أن التغيير الحقيقي يتطلب متابعة مستمرة ووعياً مجتمعياً عميقاً. الفرص أمامنا كبيرة لبناء مجتمع أكثر شمولية، لكن التحدي يكمن في تحويل هذه اللحظة إلى تغيير دائم في ثقافتنا.
هذه الحملة ليست مجرد أرقام أو مخالفات - إنها رسالة واضحة أن حقوق ذوي الإعاقة خط أحمر لا يمكن تجاوزه. العقوبات القادمة ستكون رادعة، والمجتمع مدعو للمشاركة في حماية حقوق أشقائه من ذوي الإعاقة. المستقبل يحمل وعداً بمجتمع أكثر عدالة وشمولية، لكن هذا يتطلب من كل فرد منا اتخاذ قرار واضح. السؤال الآن: هل ستكون جزءاً من الحل أم ستبقى جزءاً من المشكلة؟