في تطور نادر هز أروقة البنوك المصرية، استقر سعر اليورو اليوم عند 55.46 جنيه للشراء و55.80 جنيه للبيع عبر جميع البنوك تقريباً - وهو استقرار لم تشهده السوق منذ أسابيع طويلة. هذا الرقم يعني أن راتب شهر كامل لموظف مصري متوسط (5000 جنيه) يساوي 90 يورو فقط، بينما يحصد البنك 34 قرشاً كهامش ربح من كل يورو واحد يُحوّل!
أحمد العربي، مستورد أجهزة طبية من ألمانيا، يتنهد بارتياح وهو يتابع أسعار الصرف على شاشة هاتفه: "لأول مرة منذ شهور أستطيع التخطيط لصفقاتي دون خوف من تقلبات مفاجئة تكلفني آلاف الجنيهات الإضافية." الأرقام تؤكد كلامه - فالبنك الأهلي وبنك مصر والبنك التجاري الدولي، جميعها تعرض أسعاراً متقاربة بشكل استثنائي، مع فروق لا تتجاوز 5 قروش بين البنوك المختلفة.
هذا الاستقرار يأتي بعد رحلة طويلة من التقلبات الحادة منذ تطبيق نظام العرض والطلب في نوفمبر 2016 - قبل 9 سنوات كاملة من اليوم. د. محمود الشريف، المحلل الاقتصادي، يؤكد أن "هذا الاستقرار يعكس تحسناً حقيقياً في الثقة بالاقتصاد المصري، مقارنة بأزمة 2016 عندما قفز الدولار من 8 إلى 18 جنيه في أيام معدودة." سعر اليورو اليوم مثل موازين الحرارة للاقتصاد - عندما يستقر، نعرف أن صحة السوق جيدة.
مريم أبو النور، صاحبة محل لاستيراد الأجهزة الأوروبية، تراقب هذا الاستقرار بعين الحذر والتفاؤل معاً: "أخيراً يمكنني تحديد أسعار ثابتة لزبائني دون خوف من مفاجآت السوق." هذا الثبات يعني أن أسعار السيارات الألمانية والأدوية الأوروبية والهواتف الذكية ستبقى مستقرة للأسابيع القادمة. لكن الخبراء يحذرون من الاعتماد المفرط على هذا الهدوء النسبي، فتذبذب العملات مثل العواصف البحرية - والاستقرار الحالي قد يكون هدوء البحر بعد العاصفة.
استقرار نادر في سعر اليورو عند 55.46 جنيه يفتح نافذة فرص ذهبية للمستوردين والمستثمرين، لكن الأسابيع القادمة ستحدد ما إذا كان هذا التوقيت المناسب للتعاقد على صفقات طويلة الأمد أم مجرد هدنة مؤقتة. السؤال الذي يحير الجميع الآن: هل سيستمر هذا الاستقرار، أم أننا على موعد مع مفاجآت جديدة في عالم العملات تقلب الحسابات رأساً على عقب؟