في تطور مفاجئ هز أركان السوق العقاري السعودي، منحت وزارة البلديات والإسكان ملاك الأراضي البيضاء 1460 يوماً مجانياً - أي 4 سنوات كاملة من التأجيل لدفع الرسوم المستحقة، في قرار لم تشهده المملكة منذ عقود. هذه النافذة الذهبية مفتوحة الآن أمام آلاف الملاك الذين كانوا يواجهون ضغوطاً مالية هائلة، لكن الساعة تدق للاستفادة القصوى من هذه الفرصة الاستثنائية.
كشف المهندس عبد الناصر العبداللطيف، نائب رئيس اللجنة الوطنية لكود البناء سابقاً، أن الوزارة تعمل على تأجيل دفع رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة حتى 48 شهراً كاملاً، مما يمنح أصحاب الأملاك مهلة ذهبية للتخطيط والتطوير. أحمد السلمي، صاحب قطعة أرض في شرق الرياض، لم يخف فرحته: "كأن جبلاً سقط عن كتفي - كنت أواجه صعوبة بالغة في دفع الرسوم بسبب ظروفي المالية". لكن التحذير واضح: عدم التطوير خلال هذه المدة يعني دفع 100% من رسوم الأربع سنوات دفعة واحدة.
هذا القرار لا يأتي من فراغ، فرسوم الأراضي البيضاء طُبقت كجزء من رؤية 2030 لمكافحة احتكار الأراضي وتحفيز التطوير العمراني، لكنها واجهت مقاومة شديدة من الملاك بسبب الضغوط المالية والتعقيدات الإجرائية. د. محمد العقاري، استشاري التطوير العمراني، يؤكد أن "القرار سيؤدي لنقلة حقيقية في السوق العقاري السعودي، تشبه قرارات تأجيل الديون في الأزمات الاقتصادية الكبرى". الخبراء يتوقعون تطوير أكثر من نصف الأراضي البيضاء خلال فترة التأجيل، مما يعني نهضة عمرانية حقيقية.
المواطن العادي لن يبقى بعيداً عن هذا التحول الجذري، فسارة التميمي، المطورة العقارية الشابة، ترى في القرار "فرصة ذهبية لتنفيذ مشروعها السكني الذي ظل حلماً لسنوات". التأثير سينتشر كانتشار النار في الهشيم: نشاط محموم في قطاع البناء، توظيف آلاف العمال والمهندسين، وتحسن تدريجي في توفر الوحدات السكنية. خالد المالك، مستثمر عقاري من جدة، يحذر: "الفرصة عظيمة، لكن من لا يخطط جيداً قد يجد نفسه أمام فاتورة ضخمة بعد 4 سنوات". أصوات آلات البناء ستعود لتملأ أرجاء المدن السعودية، واللوحات التي تحمل عبارة "قريباً" ستتحول لمشاريع حقيقية على أرض الواقع.
4 سنوات مجانية، فرصة للتطوير، أو فاتورة متراكمة ضخمة - الخيارات واضحة أمام ملاك الأراضي. السوق العقاري السعودي على موعد مع تحول جذري قد يغير وجه المملكة العمراني خلال السنوات القادمة. الوقت مناسب للتحرك الآن - سواء بالاستثمار، التطوير، أو حتى البحث عن فرص الشراء. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه المهلة بداية نهضة عمرانية حقيقية، أم مجرد تأجيل لمشكلة أعمق في السوق العقاري السعودي؟