في تطور صادم هز قطاع التجارة البحرية، قفزت تكاليف الشحن إلى ميناء عدن بنسبة 45% خلال شهر واحد فقط، في أكبر ارتفاع تشهده المنطقة منذ عقود. أسبوعان كاملان تنتظر السفن العملاقة في البحر بينما تتراكم الحاويات، وكل يوم تأخير يعني ارتفاعاً جديداً في أسعار رغيف الخبز على موائد اليمنيين. الخبراء يحذرون: ما نشهده اليوم مجرد البداية لكارثة اقتصادية قادمة.
ضربة قاصمة وجهتها البيروقراطية لأهم شريان اقتصادي في جنوب اليمن، حيث تضطر السفن للانتظار أسبوعين كاملين قبل التفريغ، بخسائر تصل إلى 50 ألف دولار يومياً للسفينة الواحدة. أحمد الحدري، تاجر من عدن، يروي مأساته: "اضطررت لإلغاء شحنة مواد غذائية بقيمة 200 ألف دولار بسبب التأخير المفرط، والآن عائلات كثيرة ستعاني من نقص هذه المواد." أبواق السفن العالقة تصدح في الميناء كصراخ استغاثة، بينما تتراص عشرات السفن في البحر كالعمالقة النائمة.
هذه ليست المرة الأولى التي تضرب فيها البيروقراطية القاتلة شرايين الاقتصاد اليمني، فالوضع يذكرنا بما حدث في ميناء بيروت عام 2019 عندما أدت الإدارة السيئة إلى شلل تام في التجارة. د. سالم الجعدي، خبير اللوجستيك، يحذر: "ميناء عدن يفقد 30% من حصته السوقية سنوياً لصالح جيبوتي والإمارات، والوضع الحالي سيسرع من هذا النزيف." تداخل الصلاحيات والخلافات الإدارية حولت الميناء إلى مطار مزدحم بلا برج مراقبة.
الكارثة الحقيقية تكمن في تأثير هذا الارتفاع على الحياة اليومية لـ 30 مليون يمني، حيث أن 90% من احتياجات البلاد مستوردة عبر هذا الميناء. فاطمة علي، ربة منزل من عدن، تقول بحزن: "أسعار الرز والزيت ارتفعت الأسبوع الماضي بشكل جنوني، ولا نعرف ماذا ننتظر الأسبوع القادم." الخسائر اليومية تعادل ميزانية مستشفى متوسط لعام كامل، بينما ترتفع التكاليف بسرعة الصاروخ والحلول تتحرك بسرعة السلحفاة.
كارثة إدارية تحولت إلى أزمة اقتصادية واجتماعية تهدد بانهيار سلسلة التوريد الغذائية في اليمن. الوقت أصبح ضيقاً والتدخل العاجل ضرورة حياة أو موت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا فإن السؤال لن يكون متى ستنحل الأزمة، بل هل سنشهد نهاية عصر ميناء عدن كبوابة اقتصادية حيوية للمنطقة؟