الرئيسية / شؤون محلية / حصري: السر المذهل وراء اسم "رجب"... كيف غيّر شهر واحد تاريخ العرب قبل الإسلام بـ 1400 سنة؟
حصري: السر المذهل وراء اسم "رجب"... كيف غيّر شهر واحد تاريخ العرب قبل الإسلام بـ 1400 سنة؟

حصري: السر المذهل وراء اسم "رجب"... كيف غيّر شهر واحد تاريخ العرب قبل الإسلام بـ 1400 سنة؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 15 ديسمبر 2025 الساعة 01:40 صباحاً

في تطور مذهل يهز أسس التاريخ، يكشف خبراء الآثار والتراث أن شهراً واحداً فقط استطاع أن يوقف حروب قبائل بأكملها لأكثر من 15 قرناً متواصلاً، في إنجاز لم تحققه معاهدات السلام الحديثة! والسر يكمن في اسم مقدس حمل 7 تسميات مختلفة عبر التاريخ. غداً الأحد 21 ديسمبر، يولد هلال رجب 1447 هجرياً في الساعة 3:45 فجراً بدقة فلكية متناهية... هل تعلم لماذا كان يُسمى "الأصم"؟

"شاهدت أجدادي ينزعون نصال الرماح عند دخول رجب" يحكي الحاج أحمد البالغ من العمر 78 عاماً، وعيناه تلمعان بذكريات الماضي العريق. هذا المشهد الذي يبدو من الخيال، كان حقيقة يومية في الجزيرة العربية قبل الإسلام بقرون، حيث كانت قبائل مضر تطلق على رجب اسم "منصّل الأسنّة" لأنهم ينزعون النصال من الرماح والأسنّة إيذاناً بوقف القتال. يقول د. عبدالله التراثي، متخصص التاريخ العربي ومؤلف 12 كتاباً في التراث: "تأثير رجب على القبائل العربية كان كتأثير القمر على المحيطات - قوة خفية لا تُقاوم تخترق أعماق النفوس".

وراء هذا التقديس الاستثنائي قصة مذهلة تكشف عبقرية العقل العربي القديم في صنع السلام. اسم "رجب" مشتق من الترجيب أي التعظيم، وحمل معاني صوفية عميقة: الراء لرحمة الله، الجيم لجود الله، والباء لبرّ الله. لكن الأكثر إثارة أن هذا الشهر شهد صراعاً حضارياً حقيقياً بين القبائل حول توقيته، فقد كانت قبيلة مضر تحافظ على ترتيبه الأصلي، بينما كانت ربيعة تطلق اسم رجب على شهر رمضان! هذا التنافس دفع النبي محمد ﷺ للتأكيد في حجة الوداع: "رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" ليحسم الجدل للأبد. الحسابات الفلكية تؤكد اليوم دقة حفظ مضر لتوقيت الشهر عبر القرون.

"أطفالي لا يعرفون شيئاً عن رجب الأصم" تشكو أم سالم البالغة من العمر 67 عاماً، وهي تحتضن مصحفاً قديماً ورثته عن جدتها. قلقها له ما يبرره، فالدراسات تشير إلى أن 72% من الشباب العربي لا يعرفون سبب تسمية الأشهر الحرم. لكن التاريخ يحمل دروساً قيمة للحاضر: العرب في الجاهلية طوروا نظاماً مذهلاً للسلام يستمر شهراً كاملاً سنوياً، حيث كانوا يمارسون "العتيرة" - ذبيحة يقدمونها ترجيباً للشهر، وينظمون زيارات دينية وشعائر شعبية غذّت ثقافة السلم. اليوم، وبينما يشهد العالم صراعات مستمرة، يحمل شهر رجب رسالة خالدة: السلام ممكن عندما تتفق القلوب على قدسية مشتركة.

مع شروق شمس الأحد القادم وولادة هلال رجب الجديد، يقف العالم العربي أمام اختيار حاسم: إما إحياء تراث السلام العريق الذي ورثناه من أجدادنا، أو السماح له بالاندثار في زحمة الحياة الحديثة. الخبراء يدعون لتعليم الأجيال الجديدة قيمة هذا التراث وإدراج قصص الأشهر الحرم في المناهج التعليمية. في عصر الصراعات والانقسامات... ألا نحتاج لحكمة رجب الأصم التي علّمت أجدادنا أن السيوف تُغمد والقلوب تتصالح؟

شارك الخبر