في تطور صادم يعيد تشكيل ملامح سوق العمل السعودي، أقر مجلس الوزراء السعودي قراراً تاريخياً يسمح لأول مرة بعمل 13 مليون مرافق محتمل للعمالة الوافدة في القطاع الخاص، مما يفتح الباب أمام ثورة حقيقية في عالم التوظيف تشمل ملايين العائلات. هذا القرار الذي دخل حيز التنفيذ خلال الأيام الماضية يحمل وعداً بمضاعفة دخل مئات الآلاف من الأسر، لكنه يثير أيضاً تساؤلات مصيرية حول مستقبل سوق العمل.
وافقت السلطات السعودية رسمياً على منح وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية صلاحية تحديد المقابل المالي لعمل المرافقين والمرافقات، في خطوة تعادل قيمتها المالية نفس الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة العادية. "أحمد المصري، مهندس في الرياض، يصف لحظة سماعه للخبر: 'زوجتي معلمة مؤهلة منذ 15 عاماً، ولأول مرة نرى ضوءاً في آخر النفق.'" الأرقام تشير إلى أن 85% من العمالة الوافدة تعمل في القطاع الخاص، مما يعني تأثر مئات الآلاف من الشركات والملايين من العائلات بهذا التحول الجذري.
يأتي هذا القرار كجزء من استراتيجية رؤية 2030 الطموحة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على الاستقدام الخارجي، في خطوة تذكرنا بقرارات تاريخية مماثلة مثل السماح للمرأة السعودية بدخول سوق العمل في السبعينيات. خبراء الاقتصاد يتوقعون تغييراً جذرياً في ديناميكية العمل خلال العامين القادمين، مع إمكانية تقليل الاستقدام الخارجي بنسبة 30-40%. القرار الجديد يشترط التنسيق مع وزارة المالية ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية، مما يضمن تحقيق مليارات الريالات كإيرادات إضافية للخزينة العامة.
التأثير على الحياة اليومية لملايين الأسر سيكون محسوساً خلال الأشهر القادمة، حيث تتوقع العائلات الوافدة مضاعفة دخلها الشهري. "سارة الفلبينية، محاسبة مرافقة تنتظر هذه الفرصة منذ ثلاث سنوات، تقول بحماس: 'أخيراً سأستطيع استخدام خبرتي العملية وشهاداتي المهنية.'" لكن القرار يحمل أيضاً تحديات جدية، إذ وضعت الجهات المختصة ضوابط صارمة تشمل اجتياز اختبارات الكفاءة والالتزام بمتطلبات المهنة، بالإضافة إلى التأكد من عدم توفر كوادر سعودية لشغل نفس الوظائف. محمد، صاحب مصنع صغير، يواجه معادلة صعبة: "لدي 20 موظفاً وافداً، والآن يمكنني توظيف 15 مرافقاً إضافياً دون استقدام جديد، لكن التكاليف الإضافية تقلقني."
هذا القرار التاريخي يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرة التنمية الاقتصادية السعودية، حيث يجمع بين تحقيق العدالة الاجتماعية للعمالة الوافدة وتعزيز الإيرادات الحكومية غير النفطية. النجاح في تطبيق هذا النظام قد يلهم دولاً خليجية أخرى لاتخاذ خطوات مشابهة، بينما أي إخفاق قد يؤدي إلى تعقيدات اقتصادية واجتماعية غير محسوبة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح هذه الخطوة الجريئة في خلق توازن مثالي بين طموحات العمالة الوافدة واحتياجات السوق السعودي، أم أن التحديات ستفوق المكاسب المتوقعة؟