في تطور مفاجئ هز أسواق المال في عدن، سجلت أسعار الصرف استقراراً نسبياً نادراً لم تشهده العاصمة منذ شهور، حيث وصل الدولار إلى 1633 ريال يمني والريال السعودي إلى 428 - أرقام تحكي قصة صراع اقتصادي مرير. للمرة الأولى منذ شهور طويلة، استيقظ سوق الصرافة في عدن دون هزات مدمرة، وسط حالة ترقب يخالطها الأمل والحذر من عودة العاصفة.
وفي تصريحات حصرية، كشفت المصادر المصرفية أن الدولار الأمريكي سجل 1618 ريالاً للشراء و1633 ريالاً للبيع، فيما بلغ الريال السعودي 425 للشراء و428 للبيع. سعد العولقي، أحد كبار تجار الصرافة في عدن، لا يخفي دهشته: "لأول مرة منذ أشهر أستطيع أن أنام مرتاح الضمير دون قلق من انهيارات الصباح". هذا الاستقرار المؤقت يأتي وسط توسع عمليات التأمين في المحافظات المحررة وتحسن ملحوظ في حركة التجارة.
لكن خلف هذا الهدوء الظاهري تختبئ حقيقة مرة: الريال اليمني فقد أكثر من 500% من قيمته منذ بداية الأزمة، عندما كان الدولار يُباع بـ250 ريالاً فقط. الخبراء يربطون الاستقرار الحالي بتحسن الأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية وزيادة عمليات التأمين التجاري، لكنهم يحذرون من هشاشة الوضع. آخر استقرار مماثل شهده اليمن كان في أوائل 2024، قبل أن تضربه موجة انهيار جديدة أفقدته المزيد من قيمته.
بينما يتنفس التجار الصعداء مؤقتاً، تعيش فاطمة علي، ربة منزل من عدن، قلقاً يومياً: "كل صباح أتصل بمحل الصرافة قبل الذهاب للسوق، أخشى أن أفاجأ بارتفاع الأسعار". أحمد محمد، موظف حكومي براتب 50 ألف ريال شهرياً، يحسب بدقة: راتبه بالكاد يعادل 30 دولاراً شهرياً. هذا الاستقرار النسبي يمنح المواطنين فرصة نادرة للتخطيط المالي، لكن الخبراء يؤكدون أن استمراريته مرهونة بتطورات سياسية وأمنية قد تحدث في أي لحظة.
بين الخوف والأمل، يقف اليمنيون أمام لحظة حرجة قد تكون بداية تعافٍ أو هدوءاً يسبق عاصفة جديدة. المؤشرات الحالية تشير لتحسن طفيف، لكن التساؤل المصيري يبقى: هل سيصمد هذا الاستقرار أمام العواصف السياسية القادمة، أم أنه مجرد استراحة محارب في معركة اقتصادية لم تنته بعد؟