في الساعة 12:25 من فجر اليوم، أعلنت مؤسسة كهرباء عدن عن واقع صادم يعكس مأساة حقيقية: 8 ساعات انقطاع مقابل ساعتين تشغيل فقط - معادلة قاسية تعني أن مليون و100 ألف نسمة يعيشون في ظلام دامس 80% من اليوم. في الوقت الذي تضيء فيه دبي برجها بمليون مصباح، تغرق عدن في ظلام قاتل يهدد حياة مليون إنسان.
"الوضع كارثي ولا يمكن احتماله أكثر"، هذا ما قاله مصدر في مؤسسة الكهرباء، بينما تعمل المستشفيات بالمولدات المتهالكة وسط هدير صفارات الإنذار. فاطمة أحمد، أم لطفل مريض, تضطر لحمل ابنها إلى المستشفى كل ليلة خوفاً من انقطاع أجهزة الأكسجين، بينما تتصبب العرق من الأجساد في الحر الخانق بلا مراوح أو مكيفات. الشوارع غارقة في الظلام والبيوت مضاءة بالشموع فقط، كأن المدينة تعيش في العصر الحجري ساعتين يومياً فقط في القرن الواحد والعشرين.
هذا التدهور المريع له جذور عميقة تمتد لبداية الصراع اليمني عام 2014، حيث أدى نقص الوقود وتدهور الشبكة وضعف الصيانة إلى انهيار تدريجي مستمر. د. عبدالله المقطري، خبير الطاقة، يحذر: "نحتاج 500 مليون دولار فوراً لإنقاذ شبكة كهرباء عدن". الوضع الحالي أسوأ من أزمة كهرباء بغداد 2003 وأكثر قسوة من انقطاع بيروت في الثمانينات، والخبراء يتوقعون انهياراً كاملاً خلال أشهر دون تدخل عاجل.
في ظل هذه الكارثة، يضطر الأطفال للدراسة على ضوء الشموع بينما يفقد أحمد سالم، صاحب مخبز, 200 رغيف يومياً بسبب انقطاع الكهرباء أثناء العجن. رائحة الطعام الفاسد تملأ البيوت، والأدوية تتلف في المستشفيات، بينما المهندس سالم باصليب يعمل 16 ساعة يومياً لإصلاح الأعطال رغم نقص قطع الغيار. التوقعات تشير إلى هجرة جماعية محتملة من المدينة وانهيار اقتصادي شامل، مما يهدد بتحويل عدن من عاصمة اقتصادية إلى مدينة أشباح.
عدن تعيش اليوم كارثة كهرباء حقيقية تهدد حياة مليون إنسان، والمجتمع الدولي مطالب بتحرك فوري لإنقاذهم من هذا الظلام القاتل. بدون تدخل عاجل، ستصبح المدينة التاريخية مجرد ذكرى في كتب التاريخ. السؤال الذي يطرح نفسه: كم من الوقت يستطيع مليون إنسان العيش في الظلام قبل أن ينطفئ أمل النجاة نهائياً؟