في تطور يتحدى كل المنطق الاقتصادي، ارتفعت أسعار الذهب في السعودية صباح اليوم رغم خسارة المعدن النفيس 11.70 دولار عالمياً، ليسجل عيار 21 مستوى قياسياً عند 443 ريال للجرام. هذه المقاومة الاستثنائية للسوق السعودي تثير دهشة الخبراء وتضع المستثمرين أمام لغز حقيقي: كيف يرتفع الذهب محلياً بينما ينهار عالمياً؟
وسط أصوات المفاوضات الحامية في محلات الصاغة، يروي أحمد الصائغ، تاجر ذهب في الرياض: "الإقبال كثيف رغم الأسعار المرتفعة، والزبائن يشترون بشراهة كأنهم يخزنون للشتاء". فيما حققت نورا السعيد، ربة منزل ذكية، ربحاً قدره 5000 ريال عندما باعت مجوهراتها القديمة صباح اليوم، مستغلة الارتفاع المحلي المفاجئ. الأرقام تحكي قصة مذهلة: سبيكة الكيلو الواحد وصلت إلى 510,615 ريال - يمكنك شراء سيارة فاخرة بنفس المبلغ!
هذه الظاهرة الاستثنائية تكسر كل القواعد المعتادة لأسواق المعادن النفيسة. "منذ أزمة 2008، لم نشهد انفصالاً بهذا الحجم بين السوق المحلي والعالمي"، يؤكد د. عبدالله الراشد، خبير الأسواق المالية. السبب وراء هذا التمرد؟ قوة الطلب المحلي والثقة الراسخة في الاقتصاد السعودي تخلق ديناميكية مختلفة تماماً. السوق السعودي كالجمل في الصحراء - يقاوم العواصف ويواصل السير بثبات لا يُهز.
لكن هذا الارتفاع سيف ذو حدين يؤثر على قرارات الحياة اليومية بطريقة مباشرة. فهد المطيري، موظف حكومي، يشعر بالندم بعد خسارة 2000 ريال في استثمار الأسبوع الماضي، بينما تؤجل عائلات كثيرة مشتريات الزفاف منتظرة استقرار الأسعار. الخبراء يحذرون: التقلبات الحادة قد تؤدي لخسائر فادحة، وينصحون بالشراء التدريجي وتنويع المحفظة. من جهة أخرى، تمثل هذه اللحظة فرصة ذهبية للاستثمار كتحوط ضد التضخم المتزايد.
السؤال الذي يحير الجميع الآن: هل ستستمر هذه المقاومة الجبارة أم ستنكسر قريباً؟ المؤشرات تشير إلى أن السوق السعودي يكتب قواعد جديدة، لكن الحذر واجب والمتابعة اللحظية ضرورية. في عالم يتسارع فيه كل شيء، الوقت ذهب حرفياً - وكل دقيقة تأخير قد تكلف آلاف الريالات.