في تطور صادم هز أسواق الطاقة العالمية، كشفت الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن المملكة حققت قفزة هائلة في استهلاك الكهرباء بنسبة 4.1% خلال 2024، بينما تضاعفت قدرات الطاقة المتجددة بنسبة مذهلة تجاوزت 135% لتصل إلى 6.6 جيجاواط. الخبراء يؤكدون: هذه الأرقام ستغير شكل الاقتصاد السعودي والإقليمي خلال الشهور القادمة.
وراء هذه الأرقام المثيرة تكمن حقيقة مذهلة: كل ساعة، يستهلك السعوديون طاقة تكفي لتشغيل مدينة بحجم الطائف لمدة يوم كامل، حيث وصل إجمالي الاستهلاك إلى أكثر من 340 تيراواط ساعة. "أبو محمد، موظف حكومي من الرياض، يروي: 'لاحظت تحسناً واضحاً في استقرار التيار الكهربائي هذا العام، لكن فاتورتي ارتفعت 15% رغم عدم تغيير نمط استهلاكي'". القطاع السكني استحوذ على حصة الأسد بنسبة 47.4% من الاستهلاك الإجمالي، ما يعكس التوسع العمراني الهائل في المشاريع السكانية الجديدة.
يذكرنا هذا النمو المتفجر بطفرة النفط في السبعينات، لكن هذه المرة بطاقة نظيفة ومستدامة. استثمارات بقيمة 19.8 مليار ريال - رقم يكفي لبناء 400 مستشفى حديث - تم ضخها في مشاريع الطاقة المتجددة كجزء من رؤية 2030 الطموحة. د. عبدالله الطاقاتي، خبير الطاقة المتجددة، يؤكد: "السعودية تسير بخطى ثابتة لتصبح أكبر مصدر للهيدروجين الأخضر عالمياً بحلول 2035، والأرقام الحالية تؤكد جدية هذا التوجه". كفاءة الشبكة الكهربائية شهدت تحسناً لافتاً بانخفاض الفاقد من 10.3% إلى 8.5%، في إنجاز تقني يضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
على المستوى الشخصي، تترجم هذه الأرقام إلى واقع ملموس في حياة المواطنين. فاطمة الجهني، ربة منزل من جدة، تلاحظ: "انقطاع الكهرباء أصبح نادراً جداً مقارنة بالسنوات السابقة، لكنني قلقة من ارتفاع الفواتير". متوسط استهلاك الأسرة السعودية ارتفع إلى 18.6 ميجاواط ساعة سنوياً، بينما يتسابق آلاف الشباب السعودي للحصول على الشهادات المختصة في الطاقة المتجددة استعداداً لسوق العمل الأخضر الواعد. المهندسة سارة العتيبي، التي استثمرت في شركة طاقة شمسية، حققت عوائد 40% خلال عامين: "المستقبل للطاقة النظيفة، ومن لا يتأهل الآن سيفوت قطار الثروة القادمة".
هذه الثورة في قطاع الطاقة تحمل معها وعداً بمستقبل أكثر استدامة واستقراراً، حيث تشير التوقعات إلى أن السعودية ستحتل موقعاً ريادياً في خارطة الطاقة العالمية الجديدة. بحلول 2030، ستكون المملكة في مقدمة دول العالم في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، محولة التحدي المناخي إلى فرصة اقتصادية ذهبية. السؤال الآن: هل أنت مستعد لتكون جزءاً من هذا التحول التاريخي، أم ستقف متفرجاً على أكبر ثورة طاقة في تاريخ المنطقة؟