في تطور صادم يُعيد تشكيل صناعة العمرة بالكامل، أعلنت وزارة الحج والعمرة عن تحول جذري بنسبة 100% في نظام إصدار التأشيرات للعام 1447هـ، مُنهية عقوداً من المرونة في الحجز لتفرض الحجز المسبق الإجباري للفنادق والنقل. هذا القرار الصاعق، الذي يُطبق على ملايين المعتمرين من 180 دولة، قد يُغير مصير آلاف الشركات خلال موسم واحد فقط.
"النظام الجديد يعتمد بشكل كامل على التسجيل المسبق لكافة ترتيبات الإقامة والتنقل،" كما أوضح أيمن عبد اللطيف، عضو غرفة شركات ووكالات السفر، في تصريح يُجسد حجم التحول الذي تشهده الصناعة. بينما تُسارع الشركات الكبرى لإعادة هيكلة عملياتها، يواجه أحمد السليمان، مالك وكالة سفر صغيرة، خطر إغلاق وكالته بسبب عدم قدرته على تحمل تكاليف الحجز المسبق الإجباري.
هذا التحول، الذي يُشبه انتقال صناعة الطيران من الحجز الورقي إلى الإلكتروني في التسعينات، يهدف لرفع جودة الخدمات وضمان تجربة أكثر انضباطاً. النظام السابق الذي اعتمد على المرونة الكاملة في اختيار الإقامة والنقل، استُبدل بنظام رقمي محكم يتطلب توثيقاً كاملاً لحركة المعتمر قبل إصدار التأشيرة. د. محمد العتيبي، خبير السياحة الدينية، يؤكد أن "هذا التغيير سيرفع جودة الخدمات لمستوى عالمي"، في إطار رؤية 2030 لتطوير السياحة الدينية.
على الجانب الآخر، تشهد فاطمة الحارثي، مديرة فندق معتمد، زيادة متوقعة في الحجوزات بنسبة 300%، بينما تُواجه الشركات الصغيرة تحدياً وجودياً حقيقياً. ارتفاع التكاليف، والاعتماد فقط على الفنادق المرخصة، وضرورة التعاقد المسبق، كلها عوامل تُعيد ترسم خريطة السوق. عبدالله المطيري، معتمر سابق، يُعبر عن ارتياحه قائلاً: "كنت أعاني من عدم وضوح ترتيبات الإقامة، الآن ستكون الأمور أكثر وضوحاً"، مُجسداً توقعات ملايين المعتمرين بتجربة أفضل.
مع بدء التطبيق في موسم العمرة القادم، تقف الصناعة أمام مفترق طرق تاريخي: إما التأقلم مع النظام الجديد والاستفادة من فرص الجودة العالية، أو مواجهة خطر الخروج من السوق. السؤال الذي يُؤرق الجميع الآن: هل ستنجح هذه التغييرات الثورية في تحقيق التوازن المطلوب بين ضمان الجودة العالمية وإتاحة الفرصة للجميع؟
