كل 30 دقيقة، عائلة يمنية كاملة تحمل أطفالها وتهرب من منزلها إلى المجهول. في أسبوع واحد فقط، اقتُلع 338 أسرة يمنية من جذورها - أعلى رقم مسجل هذا العام. الوقت ينفد أمام أكثر من 21 ألف يمني نازح يواجهون شتاءً قاسياً بلا مأوى، في مأساة إنسانية تتفاقم بوتيرة مرعبة.
أرقام منظمة الهجرة الدولية تكشف كارثة حقيقية: 338 أسرة نزحت خلال أسبوع واحد فقط، ليصل إجمالي النازحين منذ مطلع يناير إلى 21,468 شخص موزعين على 3,578 أسرة. أم أحمد، 35 عاماً، تحكي بصوت مختنق: "اضطررت لحمل طفلي الرضيع وحقيبة ملابس والهرب من قريتنا عند منتصف الليل عندما سمعت أصوات الانفجارات تقترب." د. سعد الميداني، منسق الطوارئ في منظمة الهجرة الدولية، يؤكد أن هذا المعدل الأسبوعي هو الأعلى منذ بداية العام.
خلف هذا الارتفاع المفاجئ قصة أعمق من المعاناة. تصاعد المخاطر الأمنية وتدهور الأوضاع المعيشية يدفع العائلات للهرب كسيل جارف يجرف الأسر من ديارها. د. ناصر الحميدي، خبير الشؤون اليمنية، يحذر: "هذا الارتفاع المفاجئ ينذر بكارثة إنسانية أكبر، نحن نشهد انهياراً متسارعاً للبنية الاجتماعية في البلاد." المأساة تتجاوز مجرد أرقام، فهي تشبه إفراغ مدينة كاملة بحجم الغردقة من سكانها في أسبوع واحد.
العواقب تتجاوز النزوح إلى تدمير حياة جيل كامل. محمد العامري، سائق تاكسي، يشهد المأساة يومياً: "أرى العائلات كل يوم تحمل أطفالها وتبحث عن مكان آمن، وجوه الأطفال مطبوعة بالخوف والجوع." الأطفال ينقطعون عن المدارس، النساء الحوامل تفقدن الرعاية الصحية، والعائلات تفقد مصادر دخلها. التحذيرات تشير إلى احتمالية تفاقم الأوضاع مع قدوم الشتاء، مما قد يضاعف معدلات الوفيات بين الفئات الأكثر ضعفاً.
أمام هذا الواقع المرير، تتصاعد الدعوات العاجلة للتدخل الدولي وتفعيل المساعدات الإنسانية. المنظمات الخيرية تطلق نداءات عاجلة للتبرع، بينما يطالب خبراء بضرورة إيجاد حلول جذرية ومستدامة قبل انهيار كامل للوضع الإنساني. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه: كم عائلة أخرى ستُقتلع من جذورها قبل أن يتحرك العالم؟