في تطور مثير يشهده السوق السعودي، تدور معركة صامتة ولكن شرسة حول نقطة واحدة حاسمة: 10,600 نقطة فقط تفصل بين ثروات آلاف المستثمرين والكارثة المالية المحتملة. خلال الساعات القليلة الماضية، شهد مؤشر تاسي تراجعاً طفيفاً لا يتجاوز 0.35%، لكن هذا الرقم الضئيل يخفي وراءه صراعاً محتدماً على مليارات الريالات.
في قلب هذه المعركة المالية، تقف سارة الغامدي، المحللة المالية التي توقعت تماسك المؤشر عند هذا المستوى الحرج، والتي حققت لعملائها عائداً مميزاً بنسبة 8% بينما يعاني آخرون. "المستوى الحالي خط أحمر لا يمكن تجاوزه إلى الأسفل"، تؤكد سارة وهي تراقب الشاشات الخضراء والحمراء التي تتراقص كنبضات قلب متسارعة. المفارقة المؤلمة أن هذا التماسك يأتي رغم الانهيار الواضح في أسهم عمالقة الطاقة، وخاصة أرامكو ومصافي، التي كانت تُعتبر الدعائم الأساسية للسوق.
الصورة لم تكن دائماً بهذا التعقيد. فمستوى 10,600 نقطة يحمل في طياته ذكريات تاريخية قوية، حيث صمد كحصن منيع خلال عواصف مالية سابقة، مثل معركة الدرعية التاريخية التي دافع فيها الأجداد عن أرضهم ببسالة. د. عبدالله السالم، خبير الأسواق المالية، يشير إلى أن "كسر هذا المستوى يعني هبوطاً حتمياً نحو 10,200 نقطة"، مما يعني خسائر فادحة لآلاف المحافظ الاستثمارية. لكن المحللين يراهنون على صعود محتمل لأسهم مثل الراجحي وأكوا باور، التي تظهر إشارات قوة رغم العاصفة المحيطة.
على الجانب الإنساني من هذه القصة، يقف محمد العتيبي، مستثمر في أسهم الطاقة منذ ثلاث سنوات، ويراقب بقلق شديد انهيار 15% من قيمة محفظته خلال الشهر الماضي. "كل صباح أستيقظ وأنا أتمنى ألا أفتح تطبيق التداول", يقول محمد بصوت مليء بالإحباط. في المقابل، تتأثر الحياة اليومية للمواطنين بشكل مباشر، حيث تواجه صناديق التقاعد ضغوطاً متزايدة، وتتأجل قرارات استثمارية مهمة، بينما يتزايد القلق حول مستقبل الاستثمارات الشخصية. الخبراء يحذرون من أن الأيام القادمة قد تشهد إما انطلاقة قوية نحو 11,000 نقطة، أو انهياراً مدمراً يقود السوق إلى أعماق لم نشهدها منذ سنوات.
بينما تقترب الساعات الحاسمة، يقف المؤشر السعودي على مفترق طرق تاريخي عند نقطة 10,600 التي تحولت إلى رمز للصمود والتحدي. الصراع بين قوى الصعود والهبوط لن يتوقف، والمستثمرون الأذكياء يراقبون بعيون الصقر كل حركة وكل رقم. السؤال الذي يحير الجميع الآن: هل ستصمد هذه القلعة المالية أم ستنهار تحت ضغط العواصف؟ الجواب مخفي في الساعات القادمة التي ستحدد مصير مليارات الريالات ومستقبل آلاف المستثمرين.