في تطور صادم هز المملكة العربية السعودية، تشهد 7 مناطق حالياً عاصفة استثنائية بأمطار غزيرة تحطم الأرقام القياسية بمعدل 80 ملليمتر في الساعة الواحدة - أكثر مما تشهده الرياض في 6 أشهر عادية! المركز الوطني للأرصاد يؤكد أن هذه الحالة الجوية هي الأشد منذ عقدين، مع تحذيرات عاجلة تطال أكثر من 30 مليون شخص في مساحة تزيد عن 800 ألف كيلومتر مربع.
تحولت شوارع الحدود الشمالية والجوف وتبوك والمدينة المنورة وحائل وشمال مكة المكرمة إلى أنهار جارفة، حيث تشهد هذه المناطق أمطاراً رعدية مصحوبة بزخات البرد ورياح تصل سرعتها إلى مستويات خطيرة. "رأيت الماء يجري كالنهر في الشارع الرئيسي" يروي أبو أحمد، سائق أجرة من حائل، مضيفاً: "لم أشهد مثل هذا المنظر منذ 20 عاماً". د. محمد العواجي، عالم الأرصاد الجوية بجامعة الملك عبدالعزيز يحذر: "هذه أقوى عاصفة منذ عقدين وتوقع استمرار عدم الاستقرار الجوي لـ 72 ساعة قادمة".
السبب وراء هذه الكارثة الطبيعية يكمن في اصطدام منخفض جوي استثنائي قادم من البحر المتوسط مع الكتل الهوائية الصحراوية الحارة، مما خلق "قنبلة مناخية" فوق المملكة. هذا المشهد يذكرنا بكوارث سيول جدة المدمرة في 2009 و2011 التي أودت بحياة العشرات وشلت الحياة لأسابيع. التغيرات المناخية العالمية وموقع السعودية الجغرافي الحساس جعلها أكثر عرضة لمثل هذه الظواهر المتطرفة، مع توقعات بتكرارها مستقبلاً.
الحياة اليومية لملايين السعوديين تعرضت لشلل تام، حيث ألغيت مئات الرحلات الجوية وأُغلقت مدارس في المناطق المتأثرة. أم سارة، ربة منزل من تبوك وأم لأربعة أطفال، تحكي بقلق: "نحن محاصرون في المنزل منذ ساعات والمياه تحيط بنا من كل جانب". الأمطار الغزيرة ستؤدي إلى تحسن كبير في منسوب المياه الجوفية ونمو نباتي استثنائي، لكن الخطر الحقيقي يكمن في البنية التحتية القديمة غير المجهزة لتصريف هذه الكميات الهائلة من المياه.
المهندس خالد الرشيد، رئيس فريق الطوارئ في الدفاع المدني والذي يقود عمليات الإنقاذ منذ 20 عاماً، يؤكد: "الـ 48 ساعة القادمة ستحدد مصير ملايين السعوديين". السلطات تحث المواطنين على البقاء في منازلهم وتجنب القيادة والأودية مطلقاً. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه العاصفة بداية تغيير جذري في مناخ المملكة، أم مجرد تحذير من طبيعة غاضبة؟