في مشهد صادم يهز الاقتصاد السوري، تفجرت أزمة حقيقية حول سعر الريال السعودي الذي يواجه فجوة جنونية تبلغ 271.43 ليرة سورية بين السعر الرسمي والسوق السوداء. هذا يعني أن كل سوري يحتاج لـ1000 ريال سعودي عليه دفع 271,430 ليرة إضافية - مبلغ يكفي لشراء سيارة مستعملة في دمشق! أم محمد، البالغة من العمر 58 عاماً، تحلم بأداء العمرة منذ سنوات، لكن تكلفة تحويل 2000 ريال ازدادت بأكثر من نصف مليون ليرة عن السعر الرسمي.
السوق السوداء تحكم قبضتها على أحلام السوريين والأرقام تكشف الحقيقة المرة: بينما يحدد مصرف سوريا المركزي السعر عند 2,945.57 ليرة للريال الواحد، تشهد أسواق دمشق أسعاراً تتراوح بين 3,201 و3,217 ليرة. أبو سامر، تاجر الصرافة في العاصمة، يؤكد بصراحة: "المصرف المركزي يحدد سعراً وهمياً لا يستطيع أحد الحصول عليه، والناس مجبرون على دفع السعر الحقيقي". التقلبات الشهرية وصلت إلى 75.5 ليرة، ما يعني أن كل يوم تأخير في التحويل قد يكلف المواطن السوري ثروة إضافية.
الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل تراكم عقد كامل من انهيار الثقة في النظام النقدي السوري منذ بداية الأزمة في 2011. العقوبات الاقتصادية ونقص الاحتياطيات النقدية حولت الليرة السورية إلى عملة هشة أمام العملات الأجنبية، خاصة الريال السعودي المطلوب بشدة للحج والعمرة والتجارة. د. أحمد العلي، الخبير الاقتصادي، يحذر: "هذه الفجوة تعكس أزمة ثقة عميقة في النظام المصرفي الرسمي، والحل لن يأتي بالتجميل بل بإصلاحات جذرية". المشهد يذكر بأزمة مشابهة عاشتها مصر عام 2016 عندما انهار الاعتماد على السعر الرسمي للجنيه.
تتجاوز المأساة الأرقام لتطال صميم الحياة اليومية للعائلات السورية. محمد الطالب المغترب في الرياض يروي معاناته: "أرسل 1000 ريال لأهلي شهرياً، الفرق في السعر يكلفني راتب أسبوع كامل". آلاف الأسر تلغي خطط الحج والعمرة، بينما يقلل المغتربون تحويلاتهم لأهاليهم. في أسواق الصرافة بدمشق، تتصاعد همهمات الحشود وأصوات المساومة، فيما تتراقص الأسعار على الشاشات كأنها أسهم في بورصة مجنونة. رائحة الأوراق النقدية المتآكلة تملأ المكان، والوجوه تحمل ملامح القلق والترقب.
الخبراء يرسمون سيناريوهات متضاربة للمستقبل: إما تدخل عاجل من المصرف المركزي لتقليص الفجوة، أو توسعها لتصل 15-20% مع انهيار أكبر للثقة في الليرة السورية. النصيحة الذهبية للسوريين اليوم: تجنب تكديس الليرة السورية والبحث عن بدائل آمنة للتحويل. السؤال الذي يؤرق الجميع: كم سيتحمل السوريون هذا النزيف المالي قبل أن ينهار النظام النقدي بالكامل؟