في تطور صادم هز الأسواق اليمنية اليوم، سجلت أسعار الذهب أرقاماً تاريخية جنونية وصلت إلى 32,160 ريال يمني للجرام الواحد من العيار 24 - مبلغ يعادل راتب مدرس لمدة أسبوعين كاملين! هذه الأسعار الخيالية، التي تجعل مليون ريال يمني ثمناً لأونصة واحدة فقط، دفعت آلاف العائلات اليمنية إلى حافة اليأس. الخبراء يحذرون: بينما تقرأ هذه الكلمات الآن، ترتفع الأسعار دقيقة بدقيقة، والقرار اليوم قد يوفر عليك آلاف الريالات غداً، أو يكلفك ثروة كاملة.
شهدت أسواق الذهب في صنعاء وعدن حالة من الهستيريا المطلقة صباح اليوم، حيث تجمع عشرات المواطنين أمام محلات الصاغة وهم يحملون حاسباتهم المحمولة، يحسبون ويعيدون الحساب، يأملون في خطأ حسابي قد يخفف الصدمة. الأرقام مرعبة: ارتفاع بنسبة 18% في أسبوعين فقط، وتكلفة طقم العروس الأساسي وصلت إلى 800 ألف ريال. "الوضع خارج عن السيطرة، الناس تبكي في المحلات"، يقول أحمد الحكيمي، تاجر ذهب من عدن، بينما يشاهد الدموع تنهمر من عيون الزبائن. وفي مشهد مؤثر، تحكي أم محمد من صنعاء: "ابنتي تستحق الأفضل، لكن هذه الأسعار جنونية... كيف سأواجه نظرتها المليئة بالأمل؟"
هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها اليمن أسعاراً مدمرة للذهب. منذ بداية الأزمة في 2014، شهد الذهب ارتفاعات متتالية، لكن هذا العام كان الأقسى على الإطلاق. العوامل متشابكة ومعقدة: تراجع الدولار عالمياً بنسبة 8%، عدم الاستقرار السياسي المحلي الذي يدفع الناس للاستثمار في الملاذات الآمنة، وموسم الزواج الذي يزيد الطلب بشكل محموم. آخر مرة شهدت فيها اليمن أسعاراً مشابهة كانت خلال حرب الخليج الأولى، عندما ارتفع الذهب كالصاروخ. "نتوقع المزيد من الارتفاعات، خاصة مع قرب موسم الأعياد وارتفاع الطلب العالمي"، يحذر د. أحمد السلامي، الخبير الاقتصادي، بنبرة قلق واضحة.
التأثير على الحياة اليومية مدمر ومباشر. "أم سارة" من الحديدة تحكي بصوت مرتجف: "كان لدي مبلغ مدخر لشراء أقراط لابنتي العروس، الآن لا يكفي حتى لخاتم صغير". العائلات تعيد حساب ميزانيات الأفراح، والشباب يؤجلون خطوبتهم بأعداد مقلقة، والنساء يتأملن مجوهراتهن القديمة بعيون جديدة مليئة بالحسابات المؤلمة. خبراء يتوقعون تراجعاً في حجم الزيجات بنسبة 30% هذا العام، بينما يرتفع معدل إعادة بيع الذهب القديم بشكل جنوني. فاطمة علي، موظفة بنك من تعز، تقول بحسرة: "أجلت شراء أقراط الذهب لحفل زفافي... الأسعار أصبحت كابوساً حقيقياً".
بين الفرص الاستثمارية والمخاطر المدمرة، تقف الأسر اليمنية على مفترق طرق حاسم. هل سيصبح الذهب حكراً على فئة معينة، أم أن هذه مجرد عاصفة مؤقتة ستمر؟ السؤال الذي يؤرق ملايين اليمنيين اليوم: متى ستنتهي هذه الأسعار الجنونية، وهل من العقل انتظار انخفاض قد لا يأتي أبداً؟ الوقت يداهمنا، والقرارات لا تحتمل التأجيل، فالذهب لا ينتظر أحداً في سباقه المحموم نحو القمة.