في تطور مناخي صادم يهز أرجاء المملكة العربية السعودية، تضرب عاصفة مطرية تاريخية 13 منطقة سعودية بقوة مدمرة، مسجلة أرقاماً قياسية تصل إلى 79.3 ملليمتر في ساعات قليلة - كمية تعادل استهلاك أسرة كاملة من المياه لثلاثة أيام. الخبراء يحذرون: الساعات الـ72 القادمة ستحدد مصير ملايين السعوديين، في حالة جوية لم تشهدها المملكة منذ 15 عاماً.
المهندس سالم الحربي، فني الأرصاد الذي تابع الحالة 72 ساعة متواصلة، يكشف التفاصيل المرعبة: "رياح هابطة تصل سرعتها إلى 60 كيلومتراً في الساعة تجتاح المناطق المتأثرة، مصحوبة بأمطار غزيرة تتجاوز 50 ملم في الساعة الواحدة". والأخطر من ذلك، تكوُّن أعاصير قمعية وشواهق مائية في عدة مناطق، بينما يعيش أبو محمد، مزارع من تيماء، كابوساً حقيقياً بعد أن فقد محصوله بالكامل بسبب البرد المفاجئ الذي ضرب مزرعته كقذائف الجليد.
تكشف الوقائع التاريخية أن هذه الحالة الجوية الأقوى منذ عقد ونصف، تذكرنا بمأساة سيول جدة 2009 وأمطار الرياض المدمرة عام 2018. د. عبدالله الراشد، خبير المناخ، يؤكد: "نواجه تحولاً مناخياً جذرياً يتطلب إعادة تقييم شاملة لاستراتيجيات مواجهة الطقس المتطرف". السبب وراء هذا الجنون المناخي يكمن في تغيرات الضغط الجوي العالمية وحركة الكتل الهوائية غير المسبوقة، التي حولت السماء السعودية إلى ساحة معركة طبيعية مفتوحة.
فاطمة الغامدي، أم لثلاثة أطفال من عرعر، تصف الرعب الذي تعيشه: "الأطفال يرتجفون خوفاً من قصف الرعد المدوي، والمطر ينزل كأنه من خراطيم إطفاء عملاقة". الحياة اليومية تتوقف تماماً: المدارس مغلقة، الطرقات مشلولة، وملايين السعوديين محاصرون في منازلهم. لكن وسط هذا الدمار، تلوح فرصة ذهبية لتجديد المياه الجوفية وإحياء أراضي ظمئت لعقود، فيما تتأهب الأمانات والبلديات بكامل طاقتها لمواجهة التحدي الأعظم.
مع استمرار هذه العاصفة الجهنمية حتى الخميس القادم، يقف السعوديون أمام سؤال مصيري: هل ستصبح مثل هذه الكوارث المناخية هي القاعدة الجديدة؟ المركز الوطني للأرصاد يدعو للمتابعة المستمرة عبر تطبيق أنواء، فيما يردد الخبراء تحذيراً صارخاً: "في عصر التقلبات المناخية الجديد.. الاستعداد ليس خياراً، بل ضرورة حياة أو موت".