في صدمة اقتصادية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، انهار الريال اليمني بنسبة مدمرة وصلت إلى 205% في يوم واحد، ليستيقظ 30 مليون يمني على كابوس حقيقي: أموالهم تتبخر أمام أعينهم خلال ساعات معدودة. الدولار الأمريكي قفز من 535 إلى 1632 ريال يمني في مشهد يذكرنا بأفلام نهاية العالم، بفارق مذهل يبلغ 1097 ريال - رقم يعادل راتب موظف حكومي كامل في بعض المناطق اليمنية.
في مشاهد مؤثرة هزت القلوب، روى أحمد محمد، موظف حكومي عمره 45 عاماً، كيف فقد 60% من قيمة راتبه في ساعات قليلة: "ذهبت لشراء الخبز لأطفالي الخمسة، فاكتشفت أن المبلغ الذي كان يكفي لأسبوع كامل لا يشتري رغيف خبز واحد الآن." الطوابير الطويلة أمام محلات الصرافة شهدت صراخ المواطنين ونحيبهم وهم يكتشفون تدمير مدخرات العمر في لحظات. "هذا أسوأ يوم في تاريخ الاقتصاد اليمني"، كما وصفه خبير اقتصادي مختص، محذراً من تداعيات كارثية قادمة.
الانهيار المدمر لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة عقد كامل من الحرب المدمرة التي مزقت النسيج الاقتصادي اليمني إرباً. انقسام البنك المركزي بين صنعاء وعدن، توقف الإيرادات النفطية، ونقص السيولة الأجنبية، كلها عوامل تراكمت لتنفجر في يوم واحد مدمر. الوضع الحالي يتجاوز انهيار الليرة التركية عام 2018، لكن بوتيرة أسرع وأشد تدميراً. الخبراء يحذرون من أن هذا مجرد البداية، وأن الأسوأ قد يكون في الطريق إذا لم تتدخل القوى الدولية بحلول جذرية وسريعة.
التأثير المدمر وصل إلى كل بيت يمني، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، وأصبح شراء الخبز والدواء مهمة مستحيلة لملايين الأسر. "فاطمة صالح، تاجرة ذكية عمرها 38 عاماً"، نجحت في حماية مدخراتها بتحويلها للذهب قبل الانهيار، لكنها تؤكد أن معظم المواطنين لم يكونوا محظوظين مثلها. محمد علي، صراف في تعز، وصف المشهد بالمأساوي: "شاهدت طوابير من المواطنين يبكون أمام محلي وهم يكتشفون أن مدخراتهم لا تساوي شيئاً." موجة الإفلاس بدأت تضرب الشركات الصغيرة والمتوسطة، والخوف يسود من هجرة جماعية للكفاءات اليمنية نحو الخارج.
في ظل هذا الانهيار التاريخي، يقف اليمن على مفترق طرق خطير: إما إنقاذ دولي عاجل وحلول جذرية، أو انزلاق نحو كارثة إنسانية لا تُطاق. الوقت ينفد بسرعة، وكل دقيقة تأخير تعني مزيداً من المعاناة لملايين اليمنيين. السؤال المصيري الآن: هل سيشهد غداً اليمن انهياراً أكبر، أم أن هناك بصيص أمل في الأفق المظلم؟