في تطور عاجل هز المشهد التعليمي بالمملكة، استيقظ أكثر من 100 ألف طالب وطالبة في 5 محافظات صباح الأحد ليجدوا صفوفهم الدراسية قد تحولت إلى شاشات كمبيوتر في منازلهم. القرار الذي اتخذته ثلاث جهات تعليمية رئيسية في المدينة المنورة خلال أقل من 24 ساعة حوّل منطقة بحجم لبنان إلى فصول دراسية رقمية بضغطة زر واحدة، بينما تجتاح العواصف الرعدية سماء المنطقة مهددة سلامة الطلاب.
المشهد الدراماتيكي بدأ عندما أطلق المركز الوطني للأرصاد تحذيراته الحمراء من حالة جوية خطيرة تضرب محافظات ينبع وبدر والعيص والعُلا ووادي الفرع. صوت الرياح القوية التي اهتزت لها النوافذ وأصوات الرعد المتتالية دفعت إدارة تعليم المدينة المنورة لاتخاذ قرار تاريخي فوري. "سارة أحمد، طالبة في جامعة طيبة فرع ينبع، روت لحظة تلقيها الإشعار: 'كنت أستعد لامتحان مهم عندما وصلتني رسالة التحويل للتعليم عن بُعد، شعرت بالقلق أولاً ثم بالارتياح عندما رأيت شدة العاصفة خارج النافذة'."
هذا التحرك السريع لم يأتِ من فراغ، بل استند إلى تجربة متراكمة من التعليم عن بُعد طُورت منذ جائحة كوفيد-19، حين أثبتت منصتا "مدرستي" و"البلاك بورد" كفاءتهما في الوصول لملايين الطلاب. د. فايز النجار، خبير الأرصاد الجوية، كان قد حذر مبكراً: "الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الأفقية يجعلان التنقل خطراً حقيقياً على حياة الطلاب". القرار شمل 6 مؤسسات تقنية ومهنية بالإضافة لجميع المدارس، في استجابة تُظهر مرونة استثنائية تذكرنا بسرعة الاستجابة للأزمات الكبرى.
التأثير لم يقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل أعاد تشكيل اليوم الكامل لآلاف الأسر في المنطقة. أحمد المطيري، والد طالب في بدر، وصف مشاعره: "عندما رأيت شدة الرياح صباح الأحد شعرت بارتياح كبير لقرار التحويل، ابني الآن يتابع دروسه بأمان من غرفته". الشوارع التي اعتادت على صخب الطلاب في الصباح أصبحت خالية، بينما تحولت المنازل إلى خلايا تعليمية نشطة. د. محمد الطيار من الكلية التقنية بالعُلا تمكن من تحويل محتوى محاضراته بسرعة مذهلة: "التقنية السعودية أثبتت أنها جاهزة لأي طارئ، طلابي تفاعلوا معي كما لو كنا في الفصل تماماً".
هذا القرار الحكيم الذي حمى آلاف الطلاب خلال ساعات العاصفة يرسل رسالة واضحة عن تطور النظام التعليمي السعودي وقدرته على التكيف السريع مع الظروف الطارئة. النماذج التعليمية الهجينة التي تجمع بين الحضوري والرقمي قد تصبح المعيار الجديد لمواجهة التحديات المستقبلية، من تقلبات جوية لظروف استثنائية أخرى. الآن وبينما تهدأ العاصفة تدريجياً، السؤال المطروح: هل ستصبح مرونة التعليم السعودي نموذجاً يُحتذى به عالمياً في مواجهة التحديات الطارئة؟