في لحظة تاريخية لم يشهدها العالم من قبل، دخل صوت الأذان أروقة البرلمان المقدوني عندما استقبل رئيس البرلمان آفريم غاشي فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي في مقر البرلمان بالعاصمة سكوبيه. 3000 كيلومتر تفصل بين مكة وسكوبيه، لكن لحظة واحدة ألغت كل المسافات في مشهد رمزي استثنائي يكتب فصلاً جديداً من الحوار بين الأديان في عالم يشهد انقساماً متزايداً.
وسط أجواء من الإجلال والاحترام، شهدت قاعات البرلمان التاريخية استقبالاً رسمياً بأعلى المراسم حيث أشاد رئيس البرلمان المقدوني بدور المملكة العربية السعودية في نشر قيم السلام والوسطية. 500 ألف مسلم في مقدونيا ينتظرون نتائج هذا اللقاء الذي يُعتبر الأول من نوعه في تاريخ العلاقات بين البلدين. يقول أحمد إبراهيموفيتش، إمام مسجد محلي في سكوبيه البالغ من العمر 45 عاماً: "لم أتخيل أن أرى يوماً إمام الحرم يُستقبل في برلماننا" بينما اجتاحت موجة من الفرح والفخر الشارع المسلم المقدوني.
هذا اللقاء التاريخي ليس مجرد مجاملة دبلوماسية، بل جزء من برنامج دولي منظم نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لزيارة أئمة الحرمين الشريفين لجمهورية مقدونيا الشمالية. كما فتح المسلمون قلوب الأندلس بالعلم والحكمة، يفتحون اليوم قلوب البلقان بالسلام والوسطية في إطار رؤية السعودية 2030 ودورها القيادي في العالم الإسلامي. الخبراء يتوقعون توقيع اتفاقيات تعاون ثقافية ودينية ستعزز من مكانة السعودية كجسر يربط بين المشرق والمغرب.
التأثير الحقيقي لهذا اللقاء يتجاوز الأبعاد الدبلوماسية ليصل إلى الحياة اليومية حيث يساهم في تحسين الصورة الذهنية للإسلام في أوروبا. د. فاطمة حسيني، أستاذة العلاقات الدولية تؤكد أن هذه "خطوة مهمة نحو الحوار بين الأديان" بينما يرى ماركو بتروفسكي، مواطن مقدوني مسيحي أرثوذكسي أن "نحن نحترم هذا التبادل الثقافي والديني". هذه الفرصة الذهبية لتعزيز الحوار بين الأديان قد تؤدي إلى زيادة التبادل الثقافي والتعليمي وإنشاء مراكز إسلامية متقدمة في المنطقة.
في عالم يبحث عن نماذج ناجحة للتعايش والسلام، يقدم هذا اللقاء التاريخي نموذجاً مثالياً يجمع بين الدبلوماسية والدين في بداية عهد جديد من التعاون بين السعودية والبلقان. قوة الكلمة الطيبة أثبتت أنها أشد تأثيراً من قوة السلاح والآن تقع على عاتق الجميع مسؤولية استثمار هذا الزخم لتحقيق المزيد من التقارب. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نشهد ولادة نموذج جديد للدبلوماسية الدينية في القرن الحادي والعشرين؟