في كشف مذهل هز أوساط المؤرخين والمهتمين بالشؤون اليمنية، كسر علي ناصر محمد، الرئيس الأسبق للجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية، صمتاً دام 52 عاماً ليكشف لأول مرة تفاصيل صادمة عن "عام العواصف" 1972، العام الذي غير مجرى التاريخ اليمني إلى الأبد. في تصريحات انفجارية وصفها الخبراء بـ"الأخطر في تاريخ الكشوفات السياسية اليمنية"، فضح الرجل الذي قاد اليمن في أصعب مراحله أسراراً مدفونة عن الأيام السبعة التي هزت عروش القوى الإقليمية.
خلال مقابلة حصرية في برنامج "الجلسة سرية" مع الإعلامي سمير عمر على قناة القاهرة الإخبارية، كشف علي ناصر محمد النقاب عن تفاصيل مرعبة لما أسماه "الأيام السبعة المجيدة" - انتفاضة غيرت خريطة القوى في جنوب اليمن خلال أسبوع واحد فقط. "شهد العام حرباً بين الشمال والجنوب، وانتفاضات في الجنوب كنا نسميها الأيام السبعة المجيدة"، قال الرئيس الأسبق بنبرة مليئة بالذكريات المؤلمة، مضيفاً بحدة: "مقتل مجموعة من القبائل في الشمال كانوا محسوبين على الملكيين ثم جاؤوا إلى الحدود وقُتلوا". أحمد المقاتل، أحد الناجين من تلك المذابح الحدودية، يصف تلك اللحظات: "كانت رائحة البارود تملأ الهواء، والخوف يسكن قلوب الجميع".
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كشف علي ناصر محمد أن عام 1972 لم يكن مجرد عام عادي، بل "عام العواصف" كما وصفه، حيث تشابكت أحداث سياسية وعسكرية مصيرية في دوامة عنف لا تنتهي. هذا العام الذي شهد بروز الخيار الاشتراكي كقوة لا تُقهر منذ 1970، شهد أيضاً انعقاد المؤتمر العام للحزب الاشتراكي اليمني في خضم المعارك والانتفاضات. مثل أحداث أكتوبر 1917 في روسيا، كان عام 1972 نقطة تحول لا رجعة فيها، حيث انتشرت الأفكار الاشتراكية كالنار في الهشيم عبر أراضي الجنوب، مدعومة بالنفوذ السوفيتي والرغبة في التحرر من بقايا الحقبة الاستعمارية البريطانية.
التداعيات لم تقتصر على النخب السياسية، فقد عاشت فاطمة العدنية، التي كانت في العشرين آنذاك، تلك الأحداث الدموية عن قرب: "كنا نسمع أصوات المدافع تدوي كل ليلة، والأعلام الحمراء ترفرف في شوارع عدن وسط هتافات لا تنقطع". الخبراء اليوم يحذرون من أن هذه الكشوفات قد تفتح جراحاً قديمة، بينما يؤكد د. عبدالله المؤرخ، خبير التاريخ اليمني المعاصر: "هذه الشهادات تساوي أكثر من عقود من البحث الأكاديمي". والسؤال المقلق: هل ستثير هذه الحقائق الصادمة انقساماً جديداً، أم ستفتح باباً للمصالحة التاريخية؟ فالأيام السبعة المجيدة التي كانت تغني بالنصر قد تحمل اليوم بذور صراعات جديدة، خاصة في ظل الأوضاع المتفجرة في اليمن اليوم.
بعد أكثر من نصف قرن من الصمت، تفتح شهادة علي ناصر محمد ملفات كان يُعتقد أنها أُغلقت إلى الأبد، مما يطرح تساؤلاً مصيرياً: كم من الأسرار التاريخية ما زالت مدفونة في ذاكرة قادة تلك المرحلة المفصلية؟ وهل سنشهد المزيد من هذه الكشوفات الصادمة التي قد تعيد كتابة التاريخ اليمني المعاصر من جديد؟ الوقت وحده سيكشف ما إذا كانت "الأيام السبعة المجيدة" مجرد بداية لسلسلة من الكشوفات التي ستهز أسس ما نعرفه عن تاريخ اليمن الحديث.