في تطور مذهل يهز عالم النقل العام، سجل قطار الرياض 150 مليون راكب خلال عام واحد فقط - رقم يفوق عدد سكان معظم الدول! كل 35 ثانية ينطلق قطار بدقة تفوق الساعة السويسرية، محققاً نسبة التزام بالمواعيد تصل إلى 99.7%. بينما تقرأ هذه السطور، انطلقت 3 قطارات للتو في أطول رحلة نجاح حضري شهدتها المنطقة، فهل كنت تتوقع أن مشروعاً واحداً يغير وجه النقل في العالم العربي إلى الأبد؟
نجح قطار الرياض في تحطيم كل التوقعات من خلال تسجيل 900 ألف رحلة قطعت مسافة 26 مليون كيلومتر - كافية للسفر من الأرض إلى القمر والعودة أكثر من 30 مرة! أحمد العتيبي، الموظف الأربعيني، يروي تجربته بعينين دامعتين: "كنت أقضي 3 ساعات يومياً في الزحام، حياتي كانت جحيماً... اليوم أصل للعمل مسترخياً وفي الوقت المحدد." محطة قصر الحكم وحدها استقبلت 12.5 مليون راكب، متفوقة على محطات مترو لندن الشهيرة. كما أكد د. سعد الراجحي، خبير النقل العام: "هذه الأرقام تضع الرياض في مصاف أفضل أنظمة النقل عالمياً."
لم يأت هذا النجاح من فراغ، بل كان ثمرة رؤية طموحة انطلقت مع رؤية 2030 لتحديث المدن السعودية وتحسين جودة الحياة. النمو السكاني السريع والحاجة الملحة لحلول نقل مستدامة دفعا بالمملكة لاستثمار مليارات الريالات في هذا المشروع الحيوي. يذكرنا هذا النجاح بمترو دبي وقطار الحرمين الشريفين، لكن بحجم أكبر وتقنية أحدث تفوق معايير أوروبا نفسها. الخبراء يتنبؤون بأن نموذج الرياض سيُحتذى به عربياً وعالمياً، وقد يصبح نواة لشبكة نقل إقليمية مستقبلية تربط مدن الخليج.
غيّر قطار الرياض حياة المواطنين جذرياً، حيث وفرت فاطمة الشهري، الطالبة الجامعية، 500 ريال شهرياً من تكلفة البنزين والمواقف. ساعات ثمينة من الأوقات عادت للعائلات، وتحسنت الصحة النفسية لملايين المستخدمين. المتوقع أن تتوسع الشبكة لمدن أخرى قريباً، مما يفتح فرصة ذهبية للاستثمار في التقنيات المساندة. ردود الأفعال تراوحت بين الإعجاب العالمي والحسد من مدن أخرى، بينما تتلقى السعودية طلبات لتصدير خبراتها للعالم. عبدالرحمن المطيري، المستخدم اليومي، يلخص الأمر: "لأول مرة في حياتي أشعر أن المدينة تعمل لصالحي، وليس ضدي."
أرقام قياسية بـ 150 مليون راكب، ودقة فائقة 99.7%، ونجاح نموذجي يحقق رؤية 2030 على أرض الواقع. الرياض تتحول بسرعة البرق إلى مدينة ذكية عالمية، والمملكة تستعد لتصدير خبرات النقل العام للعالم. هذا هو الوقت المناسب للاستثمار في المستقبل، فالقطار انطلق ولن يتوقف. إذا كانت الرياض حققت هذا خلال عام واحد، فماذا ستحقق خلال العقد القادم؟ العالم يراقب... والمنافسة بدأت للتو!