28,800 ريال سعودي سنوياً... هذا ما تحتاجه الآن إذا كنت تريد رؤية أطفالك يومياً في السعودية. في قرار صادم يعيد تشكيل مستقبل ملايين العائلات العربية، أصدرت المملكة شروطاً جديدة لاستقدام العائلات تتطلب راتباً لا يقل عن 10 آلاف ريال، مع رسوم باهظة قد تصل إلى 30 ألف ريال سنوياً. ملايين الآباء يواجهون الآن خياراً مستحيلاً: الفقر في الوطن أو الفراق عن الأحباء.
وفقاً للشروط الجديدة، يجب على الموظف في القطاع الحكومي الحصول على راتب لا يقل عن 10 آلاف ريال أو توفير سكن عائلي، بينما يُشترط في القطاع الخاص أن تكون المهنة من التخصصات الفنية غير العمالية مع راتب مماثل أو 6 آلاف ريال مع سكن عائلي. محمد الأحمد، مهندس مصري براتب 8 آلاف ريال، يقول بحسرة: "أصبحت أرى أطفالي عبر شاشة الهاتف فقط". الرسوم تشمل 2000 ريال للتأشيرة و400 ريال شهرياً لكل فرد مرافق، أي ما يعادل راتب شهرين كاملين في بعض الدول العربية.
هذه التغييرات تأتي ضمن رؤية السعودية 2030 لتحويل الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، حيث تسعى المملكة لجذب العمالة الماهرة المستقرة بدلاً من العمالة المؤقتة. منذ عام 2016، شهدت شروط الإقامة تشديداً تدريجياً، لكن هذه المرة الأمر مختلف تماماً. د. خالد النعيمي، خبير قانون الهجرة، يؤكد: "الشروط الجديدة ستغير خريطة العمالة الوافدة بشكل جذري خلال السنتين القادمتين". الإجراءات الجديدة تشبه سياسات الهجرة الانتقائية في كندا وأستراليا، حيث تُفتح الأبواب فقط للمؤهلين القادرين على الدفع.
التأثير على الحياة اليومية مدمر بكل المقاييس. آلاف الأسر العربية تواجه الآن انفصالاً قسرياً، مع أطفال يكبرون بعيداً عن آبائهم، ونساء تربي الأجيال وحيدة. أبو أحمد، فني كهرباء من الأردن: "أصبحت أرى أطفالي مرة واحدة في السنة فقط، وابنتي الصغيرة لا تعرفني". لكن الصورة ليست قاتمة للجميع، فقد نجحت د. سارة المحمدي، الاستشارية الطبية براتب 15 ألف ريال، في استقدام عائلتها بالكامل. السؤال المؤلم: هل ستصبح رؤية العائلة امتيازاً للأثرياء فقط؟
الشروط الجديدة تعني أن السعودية الجديدة تريد عمالة مؤهلة مستقرة، لا عمالة مؤقتة مفككة الأوصال. التكلفة السنوية لاستقدام عائلة من أربعة أفراد قد تصل إلى 28,800 ريال كرسوم إقامة فحسب، بخلاف تكاليف السكن والمعيشة. أمام هذا الواقع الجديد، لم يعد أمامك سوى خيارات قاسية: طور مهاراتك للحصول على راتب أعلى، أو استعد لدفع ثمن أكبر للعيش بعيداً عن أحبائك. السؤال الآن: هل ستدفع الثمن لتبقى مع عائلتك، أم ستدفع ثمناً أكبر للعيش في وحشة الغربة؟
