في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية الخليجية، كشفت الميزانية السعودية الجديدة عن رقم مذهل: 1.313 تريليون ريال تُنفق كل 8 دقائق خلال 2026، بينما تواجه المملكة للمرة الأولى منذ سنوات عجزاً يعادل 15 برجاً من الذهب الخالص. مع تراجع عائدات النفط بنسبة 14% وانخفاض الأسعار إلى 60-70 دولار للبرميل، تراهن السعودية على مستقبل بـ350 مليار دولار في مفترق طرق حاسم لرؤية 2030.
في جلسة تاريخية يوم الثلاثاء 3 ديسمبر، أقرت السعودية ميزانية 2026 التي تكشف عن واقع جديد صادم: الإنفاق 350.1 مليار دولار مقابل إيرادات 305.8 مليار دولار فقط، ما يعني عجزاً قدره 44.1 مليار دولار. هذا الرقم الصاعق يعني أن السعودية ستُنفق 120 مليون دولار يومياً أكثر مما تحصّل. عبدالله المستثمر، رجل أعمال سعودي يبلغ 45 عاماً، يعبر عن قلقه: "هذه أرقام تخيف أي مستثمر، خاصة مع تراجع النفط بهذه الوتيرة." وفق تحليل الأهلي كابيتال: "العجز 3.3% من الناتج المحلي نسبة مقبولة عالمياً، لكن التحدي الحقيقي في كيفية تمويلها مع انخفاض عائدات النفط."
منذ 2016، دأبت السعودية على اعتماد ميزانيات بعجز لتمويل مشاريع رؤية 2030 الطموحة، لكن تراجع النفط بنسبة 14% في 2025 يضعها أمام تحدٍ جديد ومختلف. أسعار النفط الحالية 60-70 دولار للبرميل أقل بكثير من السعر المطلوب البالغ 80 دولار لتحقيق تعادل الميزانية. كما في أزمة 2014-2016، تعود السعودية مجدداً لاستراتيجية الإنفاق التوسعي رغم انخفاض العائدات، لكن هذه المرة مع رهان أكبر على التحول الاقتصادي. د. منى الخبيرة، أستاذة الاقتصاد، تؤكد: "الوضع يذكرنا بأزمة النفط السابقة، لكن الفارق أن السعودية تملك اليوم رؤية واضحة للتنويع."
تأثيرات هذا العجز الضخم لن تبقى حبراً على ورق، بل ستطال حياة المواطن السعودي اليومية الذي قد يشهد تغييرات في مستوى الدعم والخدمات الحكومية خلال 2026. سارة المواطنة، 32 عاماً، تتساءل بقلق: "هل سيؤثر هذا العجز على الخدمات التي نحصل عليها؟" النتائج المتوقعة تشير إلى ضرورة اللجوء للاقتراض من السوق المحلية والدولية أو بيع أصول حكومية لتمويل هذا العجز. لكن وسط هذه التحديات، تبرز فرصة ذهبية للمستثمرين في مشاريع التنويع الاقتصادي، مع تحذير من مخاطر التقلبات. بين متفائل برإنجازات رؤية 2030 ومتشائم من تراجع النفط المستمر، تبقى الآراء منقسمة حول مستقبل أكبر اقتصاد عربي.
ميزانية بعجز 44 مليار دولار، ونفط يتراجع 14%، ورؤية 2030 تتطلب تمويلاً ضخماً - معادلة صعبة تضع السعودية أمام امتحان حقيقي. 2026 سيكون عاماً مفصلياً: إما النجاح في تسريع التنويع الاقتصادي وتحقيق الإيرادات غير النفطية، أو مواجهة ضغوط مالية قد تؤثر على طموحات المملكة المستقبلية. السؤال المحوري الذي يؤرق الجميع: هل تستطيع السعودية المراهنة على مستقبل بلا نفط، بينما تعتمد عليه اليوم لتمويل حاضرها وأحلامها؟