في قرار صادم لم تشهد عدن مثيله منذ سنوات، أعلنت المؤسسة العامة للكهرباء تحويل 100% من إيرادات الكهرباء إلى البنك المركزي دون أي استثناءات، بينما كشفت الوثائق الرسمية أن أموال الكهرباء ظلت لسنوات تضيع في متاهة البنوك التجارية. الساعة تدق بقوة: القرار يدخل حيز التنفيذ خلال أسابيع قليلة، في خطوة قد تعيد تشكيل مستقبل الطاقة في المحافظة إلى الأبد.
وجّه مجيب أحمد حازم الشعبي، مدير عام المؤسسة، خطاباً رسمياً حاسماً إلى جميع مناطق الكهرباء في عدن، حاملاً معه أرقاماً صادمة: كامل الإيرادات من مبيعات التيار ستذهب مباشرة للحسابات الحكومية. "أحمد محمد، مواطن من كريتر، لا يصدق ما يسمع: 'بعد سنوات من الظلام الذي يغمر بيتي 18 ساعة يومياً، أخيراً قرار قد يغير الوضع'". المؤسسة تحذر بوضوح تام: "لا تساهل مع المخالفين في هذا الشأن"، بينما تنتشر موجة من القلق والترقب في أوساط الإدارات المحلية التي اعتادت التصرف بحرية في هذه الأموال.
هذا القرار الثوري لم يأت من فراغ، بل جاء بعد أكثر من 9 سنوات من الفوضى المالية التي عصفت بقطاع الكهرباء منذ بداية الحرب. خلال هذه السنوات العجاف، تحول قطاع الكهرباء إلى عبء متزايد على المالية العامة، مثل قطرات ماء تتسرب من خزان مثقوب، بينما كانت فروع المؤسسة تودع إيراداتها في بنوك تجارية متفرقة. د. فؤاد الصلاحي، الخبير الاقتصادي، يشبه الوضع السابق بـ"أسرة تبعثر أموالها في حسابات مختلفة دون رقابة". التوقيت ليس مصادفة: القرار جاء بعد أيام من مؤتمر الطاقة الحكومي الذي وضع خارطة طريق شاملة لإصلاح المنظومة.
في شوارع عدن الغارقة في ظلام دامس معظم ساعات الليل، حيث تملأ أصوات المولدات الصاخبة كل حي، يعيش المواطنون على أمل أن يكون هذا القرار بداية النهاية لمعاناتهم اليومية. التأثير سيطال كل بيت وكل متجر، من المستشفيات التي تعتمد على المولدات في العمليات الجراحية، إلى الأطفال الذين يؤدون واجباتهم على ضوء الهاتف المحمول. سالم العولقي، موظف في شركة الكهرباء، يعيش قلقاً مضاعفاً: "نأمل في تحسن الخدمة، لكننا نخشى على مستقبل رواتبنا". الخطة الجديدة تعد بـشفافية أكبر وضبط أفضل للموارد، لكن الطريق نحو النور قد يمر بظلام انتقالي أعمق.
قرار تاريخي يوحد إيرادات كهرباء عدن تحت مظلة واحدة، خطوة قد تصبح نموذجاً لباقي القطاعات الحكومية في اليمن. على المواطنين الآن دعم هذه الإصلاحات الجذرية والصبر على نتائجها، فالتغيير الحقيقي يحتاج وقتاً ليؤتي ثماره. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستنجح هذه الخطوة الجريئة في إنهاء ظلام الفوضى المالية وإضاءة مستقبل أفضل لكهرباء عدن؟