في تطور صادم يهز الأسواق اليمنية، يحتاج المواطن اليوم إلى 535 ريالاً يمنياً لشراء دولار واحد فقط - رقم يعكس حجم المأساة الاقتصادية التي يعيشها اليمن. لكن للمرة الأولى منذ شهور طويلة، يستيقظ اليمنيون على أسعار صرف مستقرة نسبياً، حيث حقق الريال اليمني ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 4.44% خلال العام الماضي. في عالم تتغير فيه أسعار الصرف كل دقيقة، هذا الاستقرار قد لا يدوم طويلاً - والتفاصيل صاعقة.
شهدت أسواق الصرف اليمنية حالة من الهدوء النسبي خلال الأيام الأولى من ديسمبر 2025، حيث استقر الدولار الأمريكي عند 535 ريال، بينما تداول الريال السعودي عند 140.10 ريال يمني. "لأول مرة منذ أشهر، لم تتغير الأسعار بشكل جنوني أمام أعيننا"، تقول فاطمة ربة البيت من صنعاء، التي تتابع أسعار الصرف يومياً لمعرفة القوة الشرائية لراتب زوجها. أصوات المتداولين في محلات الصرافة لم تعد تحمل نبرة الذعر المعتادة، وطقطقة آلات عد النقود تبدو أكثر انتظاماً من السابق.
هذا الاستقرار لا يأتي من فراغ، فالريال اليمني عاش كابوساً حقيقياً منذ بداية الصراع، حيث وصل أسوأ مستوى تاريخي في سبتمبر 2017 عندما احتاج اليمنيون لـ 251 ريال لشراء دولار واحد. كما كان الريال في السبعينات يساوي دولارين، اليوم نحتاج أكثر من 500 ريال لدولار واحد. نماذج التداول والتوقعات الاقتصادية تشير إلى إمكانية وصول سعر الدولار إلى 236.80 ريال خلال 12 شهراً قادمة، مما يبعث بصيص أمل في نفوس المواطنين المنهكين.
التأثير على الحياة اليومية بدأ يظهر بوضوح، حيث شهدت أسعار المواد الغذائية المستوردة استقراراً نسبياً لأول مرة منذ فترة طويلة. "أحمد المحمدي، موظف حكومي من صنعاء، يشكو من تآكل راتبه لسنوات، لكنه اليوم يشعر بتحسن طفيف في قدرته الشرائية. في المقابل، تمكنت سارة التاجرة من الاستفادة من استقرار العملة لتوسيع نشاطها التجاري والتخطيط لاستيرادات جديدة. رائحة الأوراق النقدية في محلات الصرافة المزدحمة لم تعد تختلط بعرق القلق والتوتر كما كان في السابق.
رغم هذا التحسن النسبي، يبقى السؤال المحوري: هل سيدوم هذا الاستقرار، أم أننا أمام هدوء ما قبل العاصفة؟ المحللون ينصحون بالحذر، فأسعار الصرف كالطقس - تتغير بلا إنذار وتؤثر على مزاج الجميع. على المواطنين متابعة الأسعار يومياً والتخطيط المالي الحكيم، فالأمل موجود لكن الحذر واجب في بلد علمته السنوات الماضية أن الاستقرار مجرد محطة عابرة في رحلة اقتصادية مضطربة.