في تطور دبلوماسي مذهل يؤكد عمق التضامن العربي، سلّم الأمير منصور بن خالد بن فرحان، سفير السعودية في الأردن، دعماً مالياً ضخماً بقيمة 90 مليون دولار للحكومة الفلسطينية - مبلغ يعادل ميزانية تشغيل القطاع الصحي الفلسطيني بالكامل لشهور عديدة. هذا الدعم الاستثنائي يصل في اللحظة الحرجة التي تواجه فيها فلسطين أزمة مالية خانقة، مؤكداً أن المملكة لا تتخلى عن إخوانها مهما اشتدت التحديات.
وفي مشهد مؤثر بمقر السفارة السعودية، استقبل الأمير منصور الدكتور إسطفان سلامة، وزير التخطيط الفلسطيني، ليسلمه الدفعة المالية ضمن الدعم السعودي المخصص للعام 2025. "هذا الدعم يعزز صمود الشعب الفلسطيني ويخفف معاناته في مواجهة التحديات الاقتصادية"، أكد سمو الأمير، بينما لم يخف الوزير الفلسطيني امتنانه قائلاً: "أهمية هذه المساهمة في التخفيف من حدة الأزمة المالية لا يمكن وصفها". أم محمد، معلمة من غزة لم تتلق راتبها منذ ثلاثة أشهر، تعبر عن أملها: "نشعر أن هناك من لا ينسانا في محنتنا".
ما يجعل هذا الدعم استثنائياً هو توقيته المدروس وخلفيته التاريخية العميقة، فالسعودية تواصل التزامها الذي امتد لعقود بدعم القضية الفلسطينية، حتى في أصعب الظروف الإقليمية. هذا الدعم يأتي كامتداد للجهود السعودية السياسية الحديثة، بما في ذلك رئاستها للمؤتمر الدولي في نيويورك لحل الدولتين، والذي حقق اعترافاً دولياً واسعاً بالدولة الفلسطينية. كما يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية معقدة، مما يؤكد ثبات الموقف السعودي كالجبل الراسخ وسط العواصف.
بعيداً عن الأرقام والبروتوكولات، سيشعر ملايين الفلسطينيين بتأثير هذا الدعم في حياتهم اليومية مباشرة. المعلمون سيتلقون رواتبهم المتأخرة، المستشفيات ستحصل على الأدوية الضرورية، والطلاب لن يتوقف تعليمهم. خالد، مواطن فلسطيني من رام الله، يعبر عن مشاعر شعبه: "نشعر بالدعم العربي الحقيقي من السعودية، هذا ليس مجرد مال، بل رسالة أمل". الدكتور سامر، خبير في الشؤون المالية الفلسطينية، يؤكد: "هذا الدعم سينقذ الوضع المالي الحرج ويفتح الباب أمام دعم دولي إضافي". لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان الاستخدام الأمثل لهذه الأموال وتحويلها إلى مشاريع تنموية مستدامة تعزز الاستقلالية الاقتصادية الفلسطينية.
هذا الدعم السعودي التاريخي يرسل رسالة واضحة للعالم: المملكة تقف مع فلسطين ليس فقط بالكلمات، بل بالأفعال الملموسة والدعم الحقيقي. بينما يتطلع الشعب الفلسطيني إلى مستقبل أفضل، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الدعم بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي والتقدم نحو الدولة المستقلة، أم أن التحديات السياسية ستستمر في إعاقة هذا الحلم المشروع؟