كل 10 دقائق، يموت طفل يمني بسبب سوء التغذية، وبينما تناقش القاعات المكيفة في عدن مستقبل الطعام، يموت الأطفال جوعاً خارجها. اجتماع تاريخي عقده وزير الخارجية اليمني الدكتور شائع الزنداني مع مبعوث برنامج الغذاء العالمي قد يكون الأمل الأخير أمام 377 ألف طفل معرضين للموت، في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المأساة الإنسانية الأكبر في العالم.
في العاصمة المؤقتة عدن، ناقش المسؤولون آليات التنسيق الجديدة التي قد تنقذ حياة 21.6 مليون يمني محتاج للمساعدة الإنسانية - رقم يعادل ثلثي سكان البلاد ويفوق سكان أستراليا كاملة. فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال من تعز، تروي معاناتها: "لم نأكل إلا وجبة واحدة منذ يومين، والأطفال يبكون من الجوع كل ليلة." كما التقى نائب وزير الخارجية مصطفى نعمان مع مديرة مكتب البرنامج في عدن، في إشارة لجدية الحكومة في التعامل مع الملف.
تأتي هذه الاجتماعات بعد 9 سنوات من الحرب الدامية التي حولت اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم، متجاوزة مجاعات أفريقيا في التسعينيات من حيث الحجم والمدة. الصراع والحصار الاقتصادي وانهيار الخدمات الأساسية خلق وضعاً كارثياً حيث يواجه 8.4 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد. الدكتور عبدالرحمن الإرياني، خبير التنمية الدولية، يؤكد: "هذا الاجتماع خطوة مهمة لكنها تحتاج متابعة حثيثة وتطبيقاً فورياً لتجنب كارثة أكبر."
بالنسبة للعائلات النازحة في المخيمات، قد تعني هذه الآليات الجديدة فرصة للحصول على وجبة يومية منتظمة لأول مرة منذ شهور. أحمد سالم، نازح من صعدة، يقول بصوت ممزوج بالأمل والقلق: "ننتظر وصول المساعدات منذ شهور، وأطفالنا يذبلون كالنباتات بلا ماء." لكن 80% من السكان يعتمدون حالياً على المساعدات الإنسانية، والتحدي الأكبر يكمن في ضمان وصولها للمستحقين دون تلاعب سياسي أو عوائق لوجستية.
الوقت ينفد بسرعة النار في الهشيم أمام أطفال اليمن، وهذا الاجتماع قد يكون الفرصة الأخيرة لتجنب كارثة إنسانية أكبر. النجاح يتطلب تطبيقاً فورياً ومتابعة دولية حثيثة، لأن الفشل يعني موت المزيد من الأبرياء. السؤال الآن: هل ستكون هذه المرة مختلفة، أم سنشهد مأساة جديدة تضاف لسجل المعاناة اليمنية؟