الرئيسية / شؤون محلية / رحيل عملاق التعليم الإسلامي: الدكتور محمد العقلا يودع الدنيا… والصلاة عليه بالحرم المكي عصر اليوم
رحيل عملاق التعليم الإسلامي: الدكتور محمد العقلا يودع الدنيا… والصلاة عليه بالحرم المكي عصر اليوم

رحيل عملاق التعليم الإسلامي: الدكتور محمد العقلا يودع الدنيا… والصلاة عليه بالحرم المكي عصر اليوم

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 02 ديسمبر 2025 الساعة 04:55 مساءاً

في صباح أليم، ودّعت الأوساط الأكاديمية والإسلامية عملاقاً من عمالقة التعليم العالي السعودي، حين انتقل إلى رحمة الله الدكتور محمد بن علي العقلا، الذي أفنى 36 عاماً من عمره في خدمة العلم والتعليم الإسلامي. رجل واحد صاغ عقول آلاف الطلاب في أهم جامعتين سعوديتين، وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الاقتصاد الإسلامي. اليوم، يستعد المسجد الحرام لاستقبال جنازة هذا العالم الجليل عصر هذا اليوم، في مشهد يختصر عظمة الرجل ومكانته.

تفاصيل اللحظات الأخيرة تحكي قصة نهاية مسيرة حافلة، حين فارق الفقيد الحياة صباح الثلاثاء، ليترك وراءه إرثاً علمياً وإدارياً امتد عبر 9 مناصب قيادية متدرجة من معيد إلى مدير للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لمدة 9 سنوات. أحمد الحربي، طالب دكتوراه سابق، يقول بعينين دامعتين: "فقدنا أباً أكاديمياً كان يفتح بيته ومكتبته لكل طالب علم، كان يعاملنا كأبنائه." أرقام المسيرة تتحدث عن نفسها: 6 سنوات متتالية كوكيل للدراسات العليا، وتجديد ثقة ملكية بأمرين كريمين، في دليل على التميز والكفاءة النادرة.

جذور هذا النجاح تمتد إلى عام 1401هـ، حين بدأ الفقيد رحلته العلمية كمعيد بعد حصوله على بكالوريوس الاقتصاد، ليصعد سلم النجاح درجة درجة حتى نال الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي عام 1409هـ. مسيرة تشبه في تدرجها وثباتها الشجرة الوارفة التي تنمو ببطء لكنها تترك ظلالاً وثماراً تدوم أجيالاً. د. عبدالله المالكي، زميله بجامعة أم القرى، يتذكر: "كان مثالاً في التواضع رغم علو مكانته العلمية، يحضر الاجتماعات قبل الجميع ويغادر بعد الجميع." هذا النموذج القيادي جعله يحصل على الأستاذية عام 1421هـ، ثم الوصول إلى قمة هرم الإدارة الأكاديمية.

تأثير رحيل الدكتور العقلا لن يقتصر على دوائر الأكاديميين فحسب، بل سيمتد ليشمل كل من تلمس على يديه العلم والمعرفة. محمد التميمي، باحث في الاقتصاد الإسلامي، يقول بحرقة: "كانت أبحاثه منارة لكل من يدرس النظام المالي الإسلامي، علمنا كيف نربط بين الأصالة والمعاصرة." هذا الإرث العلمي الثري سيستمر في إلهام الأجيال القادمة من الباحثين والأكاديميين، فيما تبقى مؤسساته التعليمية شاهدة على عطائه المتواصل. الفرصة اليوم أمام طلابه وزملائه للاقتداء بنموذجه في الجمع بين التميز العلمي والقيادة الحكيمة، وتحويل الحزن إلى دافع للاستمرار على نهجه.

بينما تستعد مكة المكرمة لتوديع هذا العالم الجليل، تبقى تساؤلات مهمة تحتاج إجابات عملية: كيف سنحافظ على الإرث العلمي الثري الذي تركه؟ وكيف يمكن أن نستفيد من تجربته القيادية الفريدة في صناعة جيل جديد من القادة الأكاديميين؟ إن أفضل تكريم لذكرى الدكتور العقلا هو مواصلة مسيرة العطاء التي بدأها، وتحويل دروس حياته إلى منهج عملي يُدرّس في قاعات الجامعات. إنا لله وإنا إليه راجعون.

شارك الخبر