في تطور مذهل هز أوساط المسافرين اليمنيين، أعلنت الخطوط الجوية اليمنية إلغاء الشرط المؤلم الذي حرم آلاف العائلات من لقاء أحبائها لسنوات طويلة. هذا القرار التاريخي ينهي معاناة استمرت أعواماً، حيث كان المسافرون مجبرين على دفع تكاليف باهظة لحجز تذاكر الذهاب والعودة معاً، حتى لو لم يكونوا متأكدين من موعد العودة. الآن، أصبح بإمكان المسافرين حجز تذاكر الذهاب فقط إلى جدة والرياض، في خطوة وصفها الخبراء بـ"نفس الحياة الجديد" لملايين اليمنيين.
أحمد المحضار، العامل اليمني في الرياض، لا يخفي دموع الفرح وهو يتذكر سنوات الفراق: "لم أستطع زيارة أسرتي في عدن لثلاث سنوات كاملة، لأنني لا أملك ثمن تذكرة العودة مقدماً، ولا أعرف متى سأستطيع العودة." قصة أحمد تتكرر مع آلاف العمال اليمنيين الذين يكدحون في المملكة لإطعام عائلاتهم، بينما قلوبهم تتمزق شوقاً لرؤية الأحباء. د. محمد العولقي، خبير الطيران المدني، يتوقع زيادة 300% في حجوزات السفر خلال الأسابيع القادمة، مؤكداً أن هذا القرار سيوفر للعائلة الواحدة آلاف الدولارات سنوياً.
خلف هذا القرار المصيري سنوات مظلمة من المعاناة، حيث فرضت الحرب الدائرة في اليمن منذ عقد كامل قيوداً صارمة على حرية التنقل. الخطوط الجوية اليمنية، التي كانت يوماً رمزاً للفخر الوطني، وجدت نفسها مضطرة لفرض اشتراطات معقدة حماية لنفسها ولمسافريها. لكن الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب اليمني دفعتها اليوم لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة. مثل انهيار جدار برلين، هذا القرار يسقط حاجزاً أمام التنقل الحر ويعيد الأمل لملايين اليمنيين المشتتين حول العالم. التعميم الرسمي للشركة جاء واضحاً: "نظراً للظروف الراهنة وحرصاً على خدمة المسافرين، قررنا إلغاء شرط تذاكر الذهاب والعودة."
سعد الغامدي من عدن يصف لحظة سماعه الخبر: "شعرت وكأن قيداً ثقيلاً سقط عن كاهلي، أخيراً يمكنني زيارة ابني في جدة دون أن أرهن بيتي لشراء تذكرة العودة." فاطمة الحديدي، مديرة وكالة سفر في صنعاء، تشهد اليوم أكبر إقبال في تاريخ مكتبها، حيث تداعت إليها المئات من الأسر اليمنية للحجز. الطوابير التي كانت تخنق مكاتب السفر لأيام تختفي تدريجياً، مفسحة المجال لابتسامات الفرح على وجوه المسافرين. وكالات السفر تعلن عن عودة الحركة الطبيعية لحجوزات مختلف أنواع التأشيرات، بعد أشهر من التشديد والاشتراطات المعقدة. هذا القرار لا يعني فقط توفير المال، بل إعادة لحمة العائلات المشتتة ومنح الأمل لمن فقدوه.
في خطوة تاريخية تنهي عقداً من المعاناة، تفتح الخطوط الجوية اليمنية الباب أمام مستقبل أفضل للشعب اليمني. الخبراء يتوقعون أن تتبع شركات طيران أخرى نفس النهج، مما يعني مزيداً من التسهيلات والحرية. فرصة ذهبية الآن متاحة أمام آلاف اليمنيين للحجز والسفر بتكلفة أقل ومرونة أكبر. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل ستكون هذه بداية عصر جديد من حرية التنقل والكرامة الإنسانية لليمنيين، أم مجرد بصيص أمل في نفق الظلام الطويل؟