في لحظة قد تغير مجرى حياة مليوني فلسطيني، وصلت منحة سعودية بقيمة 90 مليون دولار إلى الخزينة الفلسطينية المنهكة، بينما لا يزال مئات آلاف الموظفين ينتظرون منذ 6 سنوات تقاضي رواتبهم كاملة. الحقيقة الصادمة: منذ عام 2019، لم يحصل أي موظف حكومي فلسطيني على راتبه كاملاً، والآن، بينما تقرأ هذه السطور، آلاف العائلات تتطلع بأمل جديد نحو نهاية معاناة طال أمدها.
وفي مشهد دبلوماسي مؤثر بسفارة المملكة في عمّان، سلّم الأمير منصور بن خالد بن فرحان آل سعود المنحة للدكتور اسطفان سلامة وسط أجواء من الارتياح الحذر. "هذا الدعم يعكس التزام السعودية الراسخ بدعم الشعب الفلسطيني" قال سلامة، بينما كانت أصداء الفرحة تتردد في الشوارع الفلسطينية. أحمد الكيالي، معلم من رام الله يعيل 5 أفراد براتب ناقص منذ 4 سنوات، وصف شعوره: "كأن شعاعاً من الأمل اخترق ظلام اليأس الذي خيّم على بيتنا."
لكن خلف هذه اللحظة المضيئة تكمن أزمة مالية خانقة عمرها 6 سنوات، بدأت عندما قررت إسرائيل اقتطاع مبالغ من أموال المقاصة - الضرائب التي تجبيها نيابة عن فلسطين. د. نادر سعيد، أستاذ الاقتصاد، يؤكد أن هذه المنحة ستوفر راحة مؤقتة لكن الحل الجذري يكمن في استقلالية مالية حقيقية. المفارقة المؤلمة: دولة تحتاج 500 مليون دولار سنوياً لحل أزمتها، تعيش على فتات المساعدات وأموال الضرائب التي تسيطر عليها قوة الاحتلال.
في بيوت رام الله والخليل وغزة، ستشعر العائلات الليلة بنوع من الراحة لم تعشه منذ سنوات. فاطمة أبو زيد، الممرضة التي شهدت تراجع الخدمات الصحية بسبب تأخير الرواتب، تقول: "أخيراً يمكنني أن أنام دون قلق على مستقبل أطفالي." لكن الخبراء يحذرون من الاعتماد المفرط على المساعدات، مؤكدين أن المعجزة الحقيقية تكمن في حل سياسي شامل يحرر الاقتصاد الفلسطيني من الخنق الإسرائيلي. السؤال الذي يطرحه الجميع: هل ستستطيع هذه القطرة في صحراء الأزمة أن تروي عطش شعب بأكمله؟
المنحة السعودية ليست مجرد رقم في سجلات الخزينة، بل رسالة واضحة للعالم أن القضية الفلسطينية لا تزال حية في قلوب العرب. حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، لخّص مشاعر شعب بأكمله بكلماته: "الشكر للأشقاء في السعودية بقيادة خادم الحرمين وولي العهد." لكن السؤال الأكبر يبقى معلقاً في سماء المنطقة: هل ستكفي المساعدات لحل أزمة عمرها 6 سنوات، أم نحتاج لمعجزة سياسية حقيقية تعيد لفلسطين سيادتها على مواردها وأموالها؟