في تطور يهز المحافظ والقلوب معاً، تصاعدت أسعار الذهب في العاصمة الجنوبية عدن إلى مستويات خيالية، حيث وصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 200,000 ريال يمني للبيع - رقم يعادل راتب موظف لمدة شهرين كاملين! هذا الارتفاع الصاروخي بنسبة +0.26% في يوم واحد فقط يعني أن كل لحظة تأخير في اتخاذ القرار قد تكلف المشترين آلاف الريالات الإضافية.

في أزقة كريتر العتيقة وأسواق عدن النابضة، تحولت محلات الصاغة إلى مسارح دراما حقيقية، حيث يقف المتسوقون أمام واجهات المحلات وهم يحدقون في بريق الذهب الأصفر تحت الأضواء، بينما تعكس وجوههم مزيجاً من الإعجاب والصدمة. "الناس تشتري كأنها تخزن للأزمات القادمة"، يقول سالم العدني، تاجر ذهب في كريتر، وهو يراقب الحشود التي تتجمع أمام محله. الفجوة الصادمة البالغة 8,000 ريال بين سعر الشراء والبيع تعني خسارة فورية بنسبة 4% لمن يغير رأيه بعد الشراء.

منذ بداية الأزمة اليمنية، تحول الذهب من مجرد رمز للزينة والجمال إلى ملاذ آمن للمدخرات في ظل التضخم المتسارع وضعف الريال اليمني. الارتفاع الحالي يذكرنا بأزمة أسعار الذهب في عام 2020 عندما تجاوزت حاجز الـ 150,000 ريال للمرة الأولى. د. محمد الحضرمي، الخبير الاقتصادي اليمني، يؤكد أن "الذهب سيواصل الارتفاع طالما استمر عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي"، مشيراً إلى أن الطلب على التحوط ضد التضخم يدفع الأسعار نحو مستويات قياسية جديدة.

في بيت متواضع بحي كريتر، تجلس أم يسرى وهي تحدق في مجوهراتها القديمة بعيون دامعة. "كنت أحلم بشراء طقم ذهب لابنتي العروس، لكن الأسعار الجنونية جعلت الحلم مستحيلاً"، تقول بصوت مرتجف. في المقابل، تبتسم فاطمة عبدالله، ربة البيت الذكية التي باعت ذهبها القديم قبل شهر واشترت بالسعر المنخفض، محققة ربحاً يقارب 15%. هذا التفاوت في القدر يعكس الواقع المؤلم: العائلات تعيد النظر في خطط الأعراس والمناسبات الاجتماعية، بينما تزداد شعبية المصوغات البديلة والمقلدة.

عدن تشهد اليوم استقراراً مؤقتاً في أسعار الذهب وسط ارتفاع عام مستمر على مستوى اليمن، لكن الخبراء ينصحون بمراقبة الأسعار يومياً واتخاذ القرارات بحذر شديد. مع تذكر أن جرام الذهب الواحد أصبح يعادل سعر خروف صغير أو 20 كيلو أرز، يبقى السؤال المحوري: هل ستواصل أسعار الذهب رحلتها الصاروخية نحو القمة، أم أن انهياراً مفاجئاً ينتظر في الأفق؟