في لحظة تاريخية نادرة هزت أوساط الفن والثقافة، ظهرت أسطورة الغناء العربي نجاة الصغيرة البالغة من العمر 87 عاماً بعد غياب دام 30 عاماً كاملاً، لتزور العاصمة الإدارية الجديدة في جولة سرية استثنائية شملت دار الأوبرا ومقر الهيئة الوطنية للإعلام. المرأة التي غنت للملايين في الخمسينيات تخرج من صمتها الطويل لتضع بصمتها التاريخية على أحدث مشروع ثقافي مصري، في مشهد يمزج بين عراقة الماضي وتطلعات المستقبل.
شهدت العاصمة الجديدة استقبالاً حاراً للفنانة الأسطورة من قبل المهندس خالد عباس رئيس شركة العاصمة، والكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، واللواء أسامة عبد العزيز مدير مدينة الثقافة والفنون. محمد العشري، مدرس موسيقى يبلغ 45 عاماً، عبر عن مشاعره قائلاً: "عشت طول عمري أسمع عن نجاة الصغيرة من أبي وأمي، لكن لم أتخيل يوماً أنني سأراها تزور مشروع مصر الجديد." تفقدت قيثارة الغناء العربي مرافق المسرح الكبير بخطوات واثقة رغم عمرها المتقدم، في مشهد أثار موجة عارمة من المشاعر المختلطة بين الفرح والحنين والفخر.
يأتي هذا الظهور المفاجئ بعد آخر ظهور إعلامي للفنانة في حفل جوائز "جوي أووردز" بالرياض في يناير 2024، والذي شكل محطة تاريخية بعد غياب تجاوز العقدين. خبيرة التراث الفني د. سارة منصور تؤكد: "حضور نجاة الصغيرة للعاصمة الجديدة يضع بصمة تاريخية على هذا المشروع الحضاري، فهي ليست مجرد مطربة بل ذاكرة حية للعصر الذهبي للفن العربي." الزيارة تهدف لربط التراث الفني العريق بمشروعات المستقبل، مما يعكس رؤية مصر الجديدة لاستثمار تاريخها الثقافي الغني في بناء نهضة فنية معاصرة.
تتجاوز أهمية هذه الزيارة الجانب الإعلامي لتلامس حياة الملايين من محبي الفنانة عبر العالم العربي. أحمد محمود، أحد المرافقين في الجولة، يروي: "كان مشهداً مؤثراً رؤية السيدة نجاة تتأمل مرافق الأوبرا وكأنها تستحضر ذكريات عقود من الفن." الزيارة أحيت ذكريات جيل كامل نشأ على أغانيها الخالدة مثل "عيون القلب" و"ألف ليلة وليلة"، كما ألهمت الشباب للاهتمام أكثر بالتراث الفني الأصيل. الناقد الفني د. أحمد فؤاد يعلق: "هذه فرصة ذهبية لا تعوض لاستثمار حضور الأسطورة في تطوير المشهد الثقافي وجذب السياحة الثقافية للعاصمة الجديدة."
تمثل هذه الزيارة النادرة لحظة فاصلة في تاريخ الثقافة المصرية المعاصرة، حيث تلتقي أسطورة عاشت أكثر من 70 عاماً في عالم الفن مع أحدث المشروعات الحضارية. هل ستكون هذه بداية عصر جديد يمزج بين عراقة الماضي وتطلعات المستقبل؟ أم أنها لحظة وداع أخيرة مع أسطورة لن تتكرر؟ الوقت وحده سيجيب على هذا السؤال، لكن ما هو مؤكد أن صدى هذه الزيارة سيتردد في قلوب الملايين لسنوات قادمة.