في تطور مذهل هز الأسواق السعودية، سجلت أونصة الذهب الواحدة 12,620 ريال - مبلغ يعادل راتب موظف كامل - بينما وصل الجنيه الذهبي إلى 2,840 ريال في قفزة تاريخية لم تشهدها المملكة منذ سنوات. خلال 24 ساعة فقط، شهدت محلات الصاغة في الرياض وجدة زحاماً غير مسبوق، والمستثمرون يواجهون قراراً حاسماً قد يحدد مصير مدخراتهم للسنوات القادمة.
تذبذبات حادة ضربت سوق الذهب السعودي مع كسر عيار 24 حاجز الـ493 ريال للجرام، مسجلاً 493.25 ريال، فيما وصل عيار 22 إلى 465.25 ريال. فاطمة العتيبي، ربة منزل من الرياض تتابع الأسعار منذ أشهر، تقول بحماس: "ضاعفت استثماري في الذهب خلال 6 أشهر فقط، كان قراراً صائباً". المشهد في محلات الذهب يعكس حالة من الترقب المختلط بالإثارة، حيث يتجمع العملاء حول شاشات الأسعار وأصوات المناقشات الحماسية تملأ المكان.
هذه القفزة السعرية ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة عوامل عالمية معقدة تشمل ضعف الثقة في العملات الورقية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة. د. سعد الغامدي، خبير الأسواق المالية، يذكرنا بأزمة 2008 عندما تضاعفت أسعار الذهب خلال أشهر قليلة، مؤكداً: "نتوقع كسر مستوى الـ500 ريال للجرام قريباً، الذهب اليوم مثل البوليصة التأمينية ضد العواصف الاقتصادية". المملكة، كأكبر اقتصاد خليجي، تلعب دوراً محورياً في هذه التحركات.
تأثير هذه الموجة الذهبية يتسلل إلى الحياة اليومية للمواطنين بطرق مختلفة. أحمد المالكي، موظف حكومي يبلغ 42 عاماً، يعيش ندم عدم الاستثمار في الذهب مبكراً، فقد خسر 15% من القوة الشرائية لمدخراته. على الجانب الآخر، محمد الشمري، صائغ في الرياض، يشهد إقبالاً مضاعفاً رغم الأسعار المرتفعة، قائلاً: "العملاء يفهمون أن الذهب استثمار طويل المدى". الأمهات يؤجلن شراء الذهب للعرائس، والمستثمرون الجدد يدرسون السوق بحذر شديد.
مع كسر الذهب للأرقام القياسية وتحوله من مجرد معدن نفيس إلى ثورة استثمارية حقيقية، يبقى السؤال الأهم: هل نشهد بداية عصر ذهبي جديد أم فقاعة ستنفجر قريباً؟ الخبراء ينصحون بالمتابعة الدقيقة للأسعار ودراسة السوق قبل اتخاذ أي قرار، فالتوقيت في عالم الذهب يعني الفرق بين الربح والخسارة. السؤال الآن ليس هل ستستثمر في الذهب، بل متى ستفعل ذلك؟