في تطور مأساوي يهز المنطقة العربية، تكشف الأرقام الرسمية عن خسائر كارثية بقيمة 3 مليارات دولار فقدها اليمن خلال 3 سنوات فقط، بينما يواجه 60% من الأسر أزمة غذائية خانقة قد تدفع البلاد إلى الانهيار الكامل. الحقيقة الصادمة: أستاذ جامعي لا يملك ثمن أجرة المواصلات للوصول إلى عمله، وآلاف الموظفين على وشك الطرد إلى الشارع. المسؤولون يحذرون: الوقت ينفد أمام اليمن لتجنب كارثة اقتصادية لا رجعة فيها.
تعيش الحكومة اليمنية أسوأ أزمة مالية في تاريخها الحديث، حيث توقف صرف رواتب آلاف الموظفين الحكوميين لعدة أشهر، مع فاتورة رواتب شهرية تبلغ 83 مليار ريال لا تستطيع الخزانة العامة تحملها. يروي باسل عبد الرحمن أنعم، الموظف النازح من مناطق سيطرة الحوثيين: "مفيش مرتب والحياة مستحيلة، هذا الوضع أثر علينا وهدد استقرارنا المعيشي والنفسي". المشهد في شوارع عدن محطم: طوابير طويلة أمام البنوك المقفلة، وأصوات احتجاجات الموظفين تملأ المدينة، بينما تنتشر رائحة اليأس في مكاتب حكومية شبه مهجورة.
الجذور العميقة لهذه الكارثة الاقتصادية تعود لتوقف صادرات النفط منذ أكتوبر 2022 بسبب هجمات الحوثيين على موانئ التصدير، ما قطع شريان الحياة الاقتصادي للبلاد. فارس النجار، المستشار الاقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية، يؤكد أن "الهبوط الحاد في الإيرادات تسبب في أزمة سيولة خانقة". الاقتصاد اليمني اليوم يشبه مريضاً في العناية المركزة بعد قطع أنبوب الأكسجين، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى ضغوط كبيرة واجهها الاقتصاد خلال النصف الأول من 2025، مع توقعات خبراء بأن الأزمة قد تستمر لسنوات إضافية دون تدخل عاجل.
التأثير المدمر يضرب قلب الحياة اليومية للملايين، حيث اضطر الموظفون للاقتراض لتغطية أساسيات المعيشة، وتتصاعد التهديدات من ملاك المنازل بالطرد للشارع. عقيل أحمد بن ثابت، الأستاذ الجامعي البالغ 55 عاماً، يصف الوضع بأنه "جريمة في حق المجتمع ترتكبها الدولة" عندما لا يملك أستاذ أكاديمي ثمن المواصلات. السيناريو الأسوأ يلوح في الأفق: انهيار النظام المصرفي، توقف الخدمات الحكومية، وموجة نزوح جماعي قد تشعل المنطقة. لكن بوادر الأمل تظهر مع وصول 90 مليون دولار من الدعم السعودي، وخطة إصلاحات اقتصادية طموحة تحظى بدعم دولي، رغم التحديات الجسام في التطبيق.
اليمن يقف اليوم على مفترق طرق حاسم بين الإصلاح والانهيار الكامل، حيث تتسابق جهود الإنقاذ الدولية مع الزمن لمنع كارثة إنسانية أكبر. المجموعة الرباعية الدولية تفرض شروطاً صارمة لاستئناف الدعم، بينما يحذر صندوق النقد الدولي من التبعات الخطيرة لاستمرار الوضع الحالي. الرسالة واضحة: إما الإصلاح الفوري أو مواجهة انهيار اقتصادي تاريخي قد يحول اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين. السؤال الحاسم الآن: هل ستنجح الإصلاحات في إنقاذ البلاد من هذا المصير المرعب؟