في لحظة تاريخية لن تُنسى، خطفت "نسور قاسيون" بطاقة الأحلام إلى كأس العرب بعد انتصار دراماتيكي على جنوب السودان بهدفين نظيفين. للمرة الثامنة في تاريخها، تحلق سوريا من جديد في سماء البطولة العربية، حاملة آمال شعب كامل يتطلع لكسر عقدة الوصافة الثلاثية وحصد اللقب الأول في تاريخها. مع انطلاق البطولة بعد أيام معدودة في قطر، تستعد النسور لمواجهة مجموعة الموت التي تضم قطر المضيف وتونس الوصيف السابق.
كانت المباراة كفيلم من شطرين متناقضين تماماً. في الشوط الأول، ظهر المنتخب السوري فاقداً للتركيز رغم استحواذه على الكرة، ولعب دون مهاجم صريح في أداء باهت عكس المتوقع. هدد منتخب جنوب السودان مرمى الحارس إلياس هدايا، لولا تدخل المدافع الحديدي أحمد فقا الذي أنقذ الموقف بكرة على خط المرمى. لكن كل شيء تغير في الشوط الثاني، حين ارتدت النسور قناع القوة ودخلت بشخصية مميزة. محمد الحلاق فتح باب الفرج في الدقيقة 52، قبل أن يعزز الكابتن محمود المواس النتيجة في الدقيقة 59، ليصعد بسوريا إلى نهائيات تنطلق في الأول من ديسمبر المقبل.
هذا التأهل يحمل نكهة خاصة لمنتخب عاش تاريخاً حافلاً بالإنجازات المؤلمة. عبر 7 مشاركات سابقة في كأس العرب، خاض "نسور قاسيون" 28 مباراة بتوازن مثير: 11 فوزاً مقابل 11 خسارة و6 تعادلات. الأكثر إيلاماً هو حصد الوصافة ثلاث مرات متتالية دون أن يذوق طعم اللقب الذهبي. مثل عنقاء تنهض من رمادها، تعود سوريا اليوم لتواجه فرصة ذهبية جديدة لكتابة التاريخ، خاصة مع الإحصائية الإيجابية التي تظهر تسجيل 38 هدفاً مقابل استقبال 32 فقط، ما يعكس القوة الهجومية التقليدية للمنتخب.
الطريق أمام النسور لن يكون مفروشاً بالورود، فالقرعة وضعتهم في مجموعة نار تضم منتخبات عملاقة. قطر المضيف التي ستلعب وسط جماهيرها وتتمتع بدعم منقطع النظير، وتونس التي وصلت لنهائي النسخة الماضية وتملك خبرة عربية واسعة، إضافة لفلسطين المقاتلة دائماً بقلب كبير. هذا التحدي الثلاثي يذكرنا بمشاركة سوريا الأخيرة حين واجهت الإمارات وتونس وموريتانيا. لكن أحمد المدافع الحديدي وزملاؤه يدركون أن الشعب السوري يحتاج لحظات فرح وسط الظروف الصعبة، وأن كل هدف سيُسجل في قطر سيرسل موجات سعادة إلى ملايين المنازل التي ستتجمع أمام الشاشات لمساندة نسورها المحلقة.
مع دقات العد التنازلي لانطلاق البطولة، تتزايد آمال الملايين في أن تكسر سوريا عقدة الوصافة أخيراً وترفع كأس العرب الأولى في تاريخها. المنتخب الذي حمل أحلام شعبه على أجنحته لعقود، يقف اليوم أمام فرصة استثنائية لتحويل الحلم العربي إلى حقيقة ذهبية. التحضيرات بدأت بقوة، والدعم الجماهيري يتصاعد، والثقة تملأ قلوب اللاعبين. هل ستنجح نسور قاسيون في كتابة أجمل فصول تاريخها الكروي وإهداء شعبها أول لقب عربي، أم ستبقى الوصافة لعنة تطارد الحلم السوري إلى ما لا نهاية؟