في تطور مفاجئ هز البنوك المصرية مع ساعات الصباح الأولى، قفز سعر الدولار الأمريكي قرشين كاملين أمام الجنيه المصري، مسجلاً 47.58 جنيه للشراء في معظم البنوك. قرشان فقط... لكنهما يهددان ميزانية 100 مليون مصري يحسبون كل قرش في معادلة المعيشة الصعبة. في 24 ساعة فقط، خسر الجنيه 0.42% من قيمته، وبينما تقرأ هذه الكلمات قد يرتفع السعر قرشاً آخر.
في صباح إثنين عادي، استيقظ المصريون على مفاجأة غير سارة: الدولار يرتفع مرة أخرى. 47.58 جنيه - هذا الرقم البسيط يحدد مصير ملايين العائلات التي تعتمد على السلع المستوردة. أحمد محمود، موظف حكومي، يشتري أدوية مستوردة لوالدته المريضة شهرياً، يحكي بقلق: "كل قرش زيادة في الدولار يعني 50 جنيه زيادة على فاتورة الدواء الشهرية". في المقابل، تبتسم سارة عبدالله، تاجرة العملة، التي استطاعت توقع الارتفاع وحققت ربحاً سريعاً من تقلبات السوق.
منذ تحرير سعر الصرف، والجنيه في رقصة مؤلمة مع الدولار، وكما حدث في 2016، يعيد التاريخ نفسه بوجوه جديدة. ضغوط التضخم العالمي تصل إلى المطابخ المصرية مع كل موجة ارتفاع جديدة. د. محمد الشامي، خبير اقتصادي، يحذر: "هذا الارتفاع مثل قطرات المطر الأولى قبل العاصفة الاقتصادية، والخبراء منقسمون بين من يرى أنها بداية موجة جديدة ومن يعتبرها مجرد تقلب عابر". الأرقام تظهر تنسيقاً مشبوهاً: 7 بنوك بنفس السعر تقريباً، هل هي سياسة موحدة أم شيء آخر؟
من كوب الشاي الصباحي إلى دواء الأطفال، كل شيء سيكلف أكثر مع هذا الارتفاع. خالد حسن، صاحب محل استيراد، يراقب الأسعار كل صباح بقلق ويؤكد: "فرق قرشين يساوي زيادة 200 جنيه على كل 10 آلاف دولار من البضائع، والتكلفة ستنتقل للمستهلك حتماً". إذا استمر الارتفاع، فستشهد الأسابيع القادمة موجة تضخم جديدة تضرب الطبقة المتوسطة بشدة. التحذير واضح: لا تشتري بالدولار الآن إلا للضرورة القصوى، أو استثمر بحكمة في الذهب والعقارات. البلاد منقسمة بين منتشٍ لامتلاكه دولارات ومحبط لحاجته الماسة إليها.
قرشان في البنوك، لكن ألف قرش في جيوب الناس. هل سيشهد ديسمبر مزيداً من المفاجآت؟ راقب السوق، احم مدخراتك، استعد للتقلبات القادمة. السؤال الآن ليس متى سيستقر الدولار... بل متى سنستقر نحن في هذه الدوامة الاقتصادية المتواصلة؟