في تطور صادم يهدد بعزل دولة كاملة جوياً عن العالم، أصدرت السلطات الفنزويلية إنذاراً نهائياً لـ 350 شركة طيران دولية بضرورة استئناف رحلاتها خلال 48 ساعة فقط أو مواجهة فقدان تصاريح التحليق نهائياً. هذا القرار الاستثنائي، الذي وصفه خبراء الطيران بـ"الأخطر منذ عقود"، يضع ملايين المسافرين في مواجهة مباشرة مع لعبة سياسية قد تحولهم إلى رهائن في صراع جيوسياسي متفجر.
كارلوس رودريغيز، رجل الأعمال الإسباني العالق في مطار كاراكاس منذ أسبوع، يروي بصوت مرتجف: "المشهد مرعب... شاشات المطار تعرض 'رحلة ملغاة' على كل الخطوط، والناس يتجمعون حول مكاتب شركات الطيران يطالبون بإجابات لا يملكها أحد." الأزمة بدأت عندما حذرت إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية من "وضع خطير محتمل" في أجواء فنزويلا، مما دفع عمالقة الطيران العالمي - من إيبيريا الإسبانية إلى جول البرازيلية - لتعليق رحلاتها فوراً. النتيجة: أكثر من 30 رحلة دولية معلقة و آلاف المسافرين محاصرون.
خلف هذا الإنذار المدوي تكمن قصة أعمق من مجرد نزاع طيران. فالولايات المتحدة نشرت أكبر حاملة طائراتها مع 8 سفن حربية أخرى وطائرات إف-35 في منطقة البحر الكاريبي، في أكبر تحشد عسكري منذ أزمة الصواريخ الكوبية. الدكتور خوسيه فرنانديز، خبير الطيران الدولي، يحذر: "نحن أمام سيناريو يشبه ما حدث مع كوبا في الستينات، لكن هذه المرة الأمر أخطر لأن فنزويلا تقع في قلب أمريكا الجنوبية." الاتحاد الدولي للنقل الجوي وصف القرار الفنزويلي بـ"قطع الحبل السري الذي يربط البلد بالعالم الخارجي".
تأثير هذه الأزمة يتجاوز حدود صالات المطارات ليصل إلى غرف نوم المواطنين وقاعات اجتماعات الشركات. ماريا غونزاليس، مسافرة من كولومبيا، تصف الوضع: "الخوف يملأ كل زاوية في المطار، وأطفالي يسألونني متى سنعود إلى البيت ولا أملك جواباً." الخبراء يتوقعون ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع المستوردة، وصعوبات لوجستية هائلة، وربما أزمة إنسانية حقيقية إذا استمرت العزلة. بعض شركات الطيران الإقليمية تستعد لاستغلال الفراغ، بينما تحذر منظمات دولية من أن فنزويلا قد تصبح "كوريا الشمالية الجديدة" في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
مع دق عقارب الساعة نحو انتهاء المهلة النهائية، يقف العالم على مفترق طرق حاسم. هل ستخضع شركات الطيران للابتزاز وتعرض ركابها للخطر؟ أم أن فنزويلا ستصبح جزيرة معزولة جوياً في قلب قارة بأكملها؟ المسافرون ينصحون بتجنب فنزويلا فوراً، بينما الخبراء يراقبون بقلق تطوراً قد يعيد رسم خريطة الطيران العالمي إلى الأبد. الساعات الـ48 القادمة ستحدد مصير ملايين الأرواح... والعد التنازلي بدأ.
