في لحظة مؤلمة هزت قلوب المصريين، انهارت ماجدة والدة المذيعة المقتولة شيماء جمال أمام شاشة التلفزيون، عندما شاهدت مشهداً تمثيلياً يحاكي الطريقة الوحشية التي قُتلت بها ابنتها في مسلسل "ورد وشيكولاتة". مشهد واحد كفى ليعيد كسر قلب أم دفنت ابنتها مرتين - مرة في القبر، ومرة أخرى على الشاشة.
"الدنيا اتقلبت تاني بعد ما هديت، والمجرمين اتعدموا، بس أنا مش مكتوبلي الراحة" - بهذه الكلمات المحملة بالألم وصفت ماجدة حالتها بعد مشاهدة المشهد المؤلم. سلمى محمد، جارة الأسرة، روت كيف شاهدت الأم تنهار تماماً: "كانت بتصرخ وتقول شوفت بنتي وهي بتموت قدامي تاني". رغم أن العدالة تحققت وتم إعدام أيمن حجاج الزوج القاتل وحسين الغرابلي شريكه في الجريمة، إلا أن الجرح النفسي لا يزال ينزف.
جريمة قتل شيماء جمال هزت المجتمع المصري بوحشيتها المفرطة - خنق وتكبيل بسلاسل حديدية وحرق بماء النار ودفن في مزرعة بالمريوطية. د. منى الشاذلي، خبيرة الطب النفسي، تحذر من خطورة استخدام التفاصيل الحقيقية للجرائم في الأعمال الدرامية: "إنها كصاعقة تضرب في نفس المكان مرتين، فالأم التي فقدت ابنتها تعيش الصدمة من جديد". هذه الممارسة تشبه إعادة فتح جرح لم يلتئم بعد بمشرط حاد.
التأثير يتجاوز الأم المكلومة ليشمل آلاف العائلات المصرية التي تشاهد الدراما يومياً، خاصة الأمهات اللواتي يتعاطفن بشدة مع معاناة ماجدة. المحامي أحمد السيد، الذي تابع القضية حتى تحقق العدالة، يطالب بوضع ضوابط قانونية: "لا يمكن أن نترك المبدعين يستغلون دماء الضحايا لصنع الدراما دون مراعاة مشاعر أهاليهم". السؤال المطروح الآن: هل ستضع الجهات المعنية قوانين تحمي أهالي الضحايا من هذا النوع من الاستغلال العاطفي؟
العدالة تحققت بإعدام القتلة، لكن الألم لا يزال حياً في قلب أم فقدت فلذة كبدها. المستقبل يحمل أملاً في وضع ضوابط أخلاقية تحترم مشاعر المتضررين وتمنع استغلال مآسيهم. هل سنترك الأمهات المكلومات يعشن مأساتهن مراراً أمام الشاشات، أم سنحميهن من هذا العذاب المضاعف؟