في تطور صادم يهز آلاف الأسر السعودية، تدق ساعة العد التنازلي للـ30 يوماً الأخيرة قبل أن تفقد 8 فئات من المستفيدين معاشاتها من الضمان الاجتماعي نهائياً. هذا ليس مجرد قرار إداري عادي، بل قنبلة موقوتة تهدد استقرار عائلات بأكملها تعتمد على مليارات الريالات المصروفة سنوياً على البرنامج كمصدر دخل وحيد لها.
في منزل متواضع بالرياض، تجلس أم سعد البالغة 42 عاماً وهي تحاول فهم الصدمة التي وقعت عليها كالصاعقة. هذه الأرملة التي تعول 4 أطفال اكتشفت أن معاشها توقف بسبب تأخرها في تحديث بياناتها - واحد من ثمانية أسباب قاتلة تشمل السفر خارج المملكة لأكثر من 90 يوماً أو رفض فرص العمل المقترحة. "شعرت وكأن الأرض انشقت تحت قدمي" تقول وهي تحدق في الرسالة الرسمية، بينما أطفالها يلعبون غافلين عن العاصفة المالية المقبلة.
وراء هذا القرار المفاجئ تقف رؤية 2030 الطموحة وخطة إصلاح شاملة لنظام الحماية الاجتماعية تهدف لضمان وصول الدعم للمستحقين الحقيقيين فقط. د. خالد العتيبي، المختص في شؤون الحماية الاجتماعية، يشبه هذه الإجراءات بـ"الفحص الدوري للسيارة الذي يحافظ على سلامة النظام"، مؤكداً أن دولاً عديدة طبقت إصلاحات مشابهة وحققت نتائج مبهرة. لكن هل يدرك صناع القرار حجم القلق الذي يسكن قلوب الأمهات الليلة؟
في كل بيت من البيوت المتأثرة، تُعاد كتابة خطط مالية بأكملها تحت ضغط الوقت القاتل. منى الغامدي، 28 عاماً، إحدى المستفيدات، تعترف بتفهمها لضرورة الإجراءات لضمان العدالة، لكنها تضيف بقلق: "أتمنى ألا تتضرر العائلات المحتاجة فعلاً". أصوات الهواتف ترن في منتصف الليل، وأكواب الشاي تبرد على طاولات البيوت حيث تجلس العائلات تحاول فهم التعليمات المعقدة، بينما الأطفال ينامون وهم يحلمون بمستقبل قد يكون مختلفاً تماماً عما يتوقعون.
رغم كل المخاوف، تشير التوقعات إلى أن معظم حالات الإيقاف ستكون مؤقتة، ويمكن استعادة المعاشات بمجرد تصحيح البيانات أو معالجة أسباب الإيقاف. الهدف النهائي واضح: نظام ضمان اجتماعي أكثر عدالة وكفاءة يخدم رؤية المملكة المستقبلية. لكن السؤال الذي يؤرق آلاف الأسر الليلة: هل ستنجح في سباق الوقت المحموم هذا؟ أم أن التأخير لحظة واحدة سيكلفها مصدر دخلها الوحيد إلى الأبد؟