في تطور يعيد تشكيل خريطة الثروة في الخليج العربي، حطمت أسعار الذهب حاجزاً جديداً مع وصول سعر الأونصة إلى 4308 دولار، بينما سجل عيار 24 في السعودية رقماً قياسياً عند 520.12 ريال للجرام الواحد. هذا الرقم المذهل يعني أن جرام الذهب الواحد يكلف الآن أكثر من راتب يوم كامل للموظف العادي، في حين يراقب المستثمرون بترقب شديد البيانات الاقتصادية الأمريكية القادمة التي قد تغير كل شيء خلال 48 ساعة فقط.
تسيطر حالة من الترقب الحذر على أسواق الذهب الخليجية، حيث ظل الطلب الاستهلاكي محدوداً بينما زاد الإقبال على الذهب الاستثماري مع اقتراب نهاية العام. في الإمارات، وصل سعر الجرام إلى 508.33 درهم، فيما تشهد الأسواق استقراراً نسبياً مقارنة بالتقلبات السابقة. فاطمة الكعبي، مستثمرة إماراتية، تروي قصة نجاحها: "اشتريت 100 جرام ذهب الشهر الماضي وحققت ربحاً يزيد عن 3000 درهم خلال أسبوعين فقط." وفي المقابل، يؤكد سالم البلوشي، صائغ في سوق الذهب بدبي: "لم أر هذا الهدوء في السوق منذ سنوات، الناس تراقب وتنتظر اللحظة المناسبة."
يذكرنا الوضع الحالي بفترات الأزمات المالية السابقة عندما كان الذهب الملاذ الآمن الوحيد، حيث تلعب السياسة النقدية الأمريكية وقرارات أسعار الفائدة دوراً محورياً في تحديد اتجاه المعدن الأصفر. د. محمد العتيبي، خبير أسواق المال، يؤكد أن "الذهب سيشهد ارتفاعاً أكبر مع بداية 2026، وينصح بالشراء التدريجي." هذا التفاؤل الحذر يأتي في ظل ثبات الدولار الأمريكي وترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية المرتقبة التي ستحدد مصير الأسعار في الأسابيع القادمة.
على صعيد الحياة اليومية، بدأت العائلات الخليجية تعيد حساباتها قبل شراء المجوهرات، فيما يضطر الشباب لتأجيل شراء خواتم الخطوبة. أحمد الزهراني، موظف من الرياض، يعبر عن إحباطه قائلاً: "كنت أخطط لشراء خاتم ذهبي لخطيبتي، لكن الأسعار الجديدة جعلتني أؤجل القرار لشهور أخرى." هذا الواقع الجديد يفرض تحديات على التجار أيضاً، حيث تملأ أصوات الحاسبات الخفيفة محلات الذهب، بينما تتناثر همسات المتسوقين وهم يناقشون الأسعار المرتفعة تحت بريق المعدن الأصفر الساطع.
مع استمرار حالة الترقب هذه، تتنوع ردود الأفعال بين متفائلين يرون فرصة استثمارية ذهبية ومتحفظين يفضلون الانتظار، فيما يحذر الخبراء من المغامرة بمبالغ كبيرة دفعة واحدة. الأسابيع القادمة ستحدد مصير الذهب لشهور قادمة، والقرارات الأمريكية ستكون الفيصل في رسم ملامح مستقبل أسواق المعادن الثمينة في المنطقة. السؤال الذي يحير الجميع الآن: هل ستكون الأيام القادمة بداية رحلة صعود جديدة للذهب، أم أن هذا الهدوء النسبي يخفي خلفه انقلاباً قد يدمر كل التوقعات؟