في تطور مفاجئ هز المجتمع السعودي، تواجه مئات الآلاف من الأسر المقيمة في المملكة محنة حقيقية بعد فرض شروط صارمة جديدة على تأشيرات الزيارة العائلية، مع فترات انتظار قد تمتد إلى 6 أسابيع كاملة - مدة قد تعني الفرق بين الحياة والموت لمن يحتاج رؤية ذويه في حالات طارئة. هذا الواقع المؤلم يضع الآلاف في مواجهة مع الزمن، حيث أصبح تحديث الوثائق والتخطيط المسبق ضرورة حياة أو موت.
وسط أجواء مشحونة بالقلق في مكاتب الجوازات، تتراكم مئات الحالات يومياً لمقيمين عاجزين عن استقدام ذويهم في أوقات حرجة. "لم أتمكن من رؤية والدته المريضة بسبب انتهاء صلاحية جوازها"، هكذا يروي أحمد المصري قصته المؤلمة، في مشهد يتكرر عبر المملكة حيث تتحول رؤية الأحباب إلى حلم بعيد المنال. الدموع تملأ عيون المنتظرين، وأصوات الهواتف ترن بلا انقطاع من أقارب قلقين ينتظرون أخباراً قد لا تأتي أبداً.
تأتي هذه الإجراءات الصارمة ضمن رؤية المملكة 2030 الطموحة لتطوير منظومة الخدمات الحكومية، في خطوة تشبه تجارب دول خليجية أخرى نفذت إصلاحات مماثلة. ويؤكد د. خالد العتيبي، خبير قانون الهجرة: "الشروط الجديدة ستسهم في تنظيم العملية بشكل أفضل وتقليل المخالفات"، لكنه يحذر من صعوبات اجتماعية مؤقتة قد تستمر شهوراً. التحول يحدث بسرعة البرق، لكن التكيف معه بطيء كنمو الأشجار في الصحراء.
الواقع الجديد يفرض على كل مقيم إعادة تخطيط حياته الأسرية بالكامل، فما كان يحدث خلال أيام أصبح يتطلب أسابيع من التحضير والانتظار. فاطمة السورية، الموظفة في الرياض منذ 8 سنوات، تقول بصوت مختنق: "كل لحظة تأخير قد تكون الأخيرة مع والدي المصاب بالسرطان". بينما ينقسم المجتمع بين مرحب بالتنظيم الجديد ومن يعتبره عبئاً إضافياً على معاناة الغربة، تظل الحقيقة واضحة: رؤية الأحباب أصبحت ترفاً يتطلب تخطيطاً أكثر من تنظيم حفل زفاف.
مع دخول القرار حيز التنفيذ، تدعو المديرية العامة للجوازات المقيمين إلى البدء فوراً في تحديث وثائقهم والاستعداد لواقع جديد حيث التخطيط المسبق ليس خياراً بل ضرورة حياة. الخبراء يتوقعون تحسناً تدريجياً في جودة الخدمات خلال الأشهر القادمة، لكن السؤال المؤرق يبقى: هل أنت مستعد لعالم حيث عناق واحد مع أحبائك قد يتطلب شهرين من التخطيط والصبر؟