في تطور مذهل يعيد تعريف مفهوم الخدمات الحكومية، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تحقيق إنجاز استثنائي بوصول عدد الخدمات المتاحة عبر منصة أبشر إلى أكثر من 200 خدمة حكومية يمكن الوصول إليها دون مغادرة المنزل. في قفزة نوعية تحولت معها المعاناة اليومية للمواطنين من ساعات الانتظار في الطوابير إلى تسع خطوات بسيطة فقط لإنجاز كفالة المخالفات المرورية، مما يجعل هذا التطور بمثابة ثورة حقيقية في عالم الخدمات الرقمية.
أحمد العتيبي، موظف في شركة خاصة، يصف تجربته قائلاً: "كنت أضطر لأخذ إجازة من العمل كل مرة أحتاج فيها لكفالة مخالفة، مما يؤثر على راتبي وإنتاجيتي." هذا المشهد الذي عاشه الآلاف يومياً أصبح من الماضي بفضل الخدمة الجديدة التي أطلقتها الإدارة العامة للمرور عبر حسابها الرسمي. الخدمة التي تعمل 24 ساعة طوال أيام الأسبوع حققت إنجازاً يضاهي تحويل مدينة خدمية كاملة إلى تطبيق واحد في جيبك، حيث يمكن لأي مواطن أو مقيم إتمام معاملته المرورية بسرعة البرق.
جاء هذا التطوير كجزء من استراتيجية التحول الرقمي الطموحة ضمن رؤية المملكة 2030، والتي هدفت منذ البداية إلى جعل الحياة أسهل للمواطنين. د. محمد الشهري، خبير التحول الرقمي، يؤكد أن "هذه الخدمة نموذج مثالي لكيفية تحويل التحديات اليومية للمواطنين إلى حلول ذكية وسريعة." التجربة التي بدأت مع جائحة كوفيد-19 وضرورة تقليل التجمعات، تطورت لتصبح منصة متكاملة تضم خدمات تتراوح من المرور إلى الأحوال المدنية والجوازات، مما يشبه الانتقال من رحلة طويلة بالسيارة إلى رحلة طيران سريعة للوصول لنفس الهدف.
التأثير الحقيقي لهذه الخدمة يتجلى في قصة سارة المطيري، أم عاملة، التي "تمكنت من إنجاز كفالة مخالفة زوجها خلال استراحة الغداء في المكتب دون ترك أطفالها أو التغيب عن العمل." هذا المشهد يتكرر آلاف المرات يومياً عبر المملكة، حيث يوفر المواطنون ساعات أسبوعية ثمينة كانت تُهدر في الانتظار والمراجعات. خالد الزهراني، سائق توصيل، يلخص التجربة بقوله: "كنت أضيع يوم كامل لكفالة مخالفة واحدة، الآن أنجزها في السيارة خلال دقائق." النتائج المبكرة تشير إلى تراجع ملحوظ في الازدحام بمكاتب المرور وتحسن جودة الحياة للمستفيدين.
مع توقعات الخبراء بتوسع هذا النموذج ليشمل خدمات حكومية أخرى واستخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول استباقية، تقف المملكة على أعتاب تحول رقمي شامل يضعها في المقدمة إقليمياً وعالمياً. في عصر السرعة والكفاءة، هل ستبقى في طوابير الانتظار أم ستنتقل للمستقبل الرقمي الذي يضع 200 خدمة حكومية في متناول يديك؟
