في تطور مُفرح وسط أزمة اقتصادية خانقة، يتنفس 15 ألف عسكري في عدن الصعداء أخيراً بعد تدشين بنك عدن الإسلامي لصرف مرتباتهم المتأخرة لشهر يوليو. للمرة الأولى منذ 8 أشهر، أطفال العسكريين في عدن سينامون وهم يعلمون أن والدهم حصل على راتبه. في عصر تتأخر فيه الرواتب شهوراً، يثبت البنك الإسلامي أن المعجزات ممكنة، ولكن السؤال الذي يلوح في الأفق: هل انتهت معاناة التأخير فعلاً؟

في مشهد يبعث على الأمل، شهدت فروع بنك عدن الإسلامي طوابير من العسكريين بزيهم الرسمي، وجوههم تحمل مزيجاً من الترقب والحذر المتفائل. "لم أصدق الرسالة النصية في البداية" يقول أحمد محمد المقطري، عسكري في الوحدة الثانية، الذي عاش 8 أشهر بدون راتب واضطر لبيع ممتلكاته لإطعام أطفاله الأربعة. صوت رنين الرسائل النصية التي تؤكد وصول المرتبات أصبح أحلى من أجمل الألحان في آذان العائلات المتعثرة مالياً.

تأتي هذه الخطوة في ظل أزمة اقتصادية عاصفة تضرب اليمن منذ سنوات، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 80% من العسكريين اليمنيين لم يتلقوا مرتباتهم بانتظام خلال السنوات الثلاث الماضية. يذكّر هذا المشهد بأيام الازدهار الاقتصادي في عدن، عندما كانت المرتبات تُصرف بانتظام مثل عودة المطر بعد سنوات جفاف طويلة. د. محمد الحضرمي، الخبير الاقتصادي اليمني، أكد أن "انتظام صرف مرتبات العسكريين يعني استقرار 25% من الاقتصاد المحلي في عدن."

من شراء الحليب للأطفال إلى تسديد الإيجارات المتأخرة، صرف المرتبات يعني عودة الحياة الطبيعية للآلاف من العائلات. فاطمة أحمد، زوجة عسكري، بكت فرحاً عندما تلقت رسالة تؤكد وصول راتب زوجها بعد انتظار دام شهرين. "كان أطفالي يسألونني متى سنشتري اللحم مرة أخرى، واليوم أستطيع أن أجيبهم بفرح: غداً!" تقول بصوت متقطع من البكاء. الأسواق المحلية تشهد انتعاشاً فورياً، وأجهزة الصراف الآلي تعمل بكامل طاقتها لأول مرة منذ شهور.

بينما يحتفل العسكريون بهذا الإنجاز، تبقى التساؤلات مشروعة حول استمرارية هذه الخدمة. العقيد صالح العولقي، مدير العمليات في البنك، يؤكد أن "البنك ملتزم بضمان وصول المستحقات في مواعيدها المحددة"، لكن الواقع الاقتصادي المعقد يطرح تحديات جديّة. في زمن تتأخر فيه الوعود، هل يمكن أن تكون هذه بداية عهد جديد من الوفاء بالالتزامات، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة في معركة طويلة ضد الأزمة المالية؟