في صاعقة بيئية هزت أوساط المهتمين بالطبيعة، ضبطت القوات الخاصة للأمن البيئي مقيماً هندي الجنسية وهو يحول قطعة من الجمال الطبيعي الخلاب في عسير إلى مكب للمواد الخرسانية الملوثة. الغرامة التي تنتظره؟ 10 ملايين ريال - مبلغ يعادل راتب عامل عادي لمدة 30 سنة متواصلة، أو ثمن 40 فيلا فاخرة في الرياض. التلوث ينتشر الآن في تربة عسير الثمينة... والوقت ينفد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الجريمة البيئية.
تحولت منطقة كانت تزدان بالخضرة والجمال الطبيعي إلى مشهد مؤلم من الكتل الخرسانية الرمادية القبيحة المنتشرة وسط الطبيعة الخلابة. أحمد الغامدي، المزارع الستيني الذي شاهد تدهور التربة في أرضه المجاورة، يروي بحزن: "كانت هذه المنطقة جنة خضراء، واليوم أرى أطفالي يسألونني لماذا تحولت إلى هذا المنظر المؤذي." النقيب سالم العسيري من الأمن البيئي، الذي تتبع المخالفة لأسابيع، أكد أن العملية كانت منظمة ومقصودة لتوفير تكاليف التخلص الآمن من المخلفات.
هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها، فمع تزايد المشاريع العمرانية وضعف الوعي البيئي لدى بعض المقاولين والعمالة، تتكرر مثل هذه الانتهاكات في المناطق النائية. د. فاطمة الزهراني، خبيرة البيئة تحذر: "ما حدث في عسير مشابه لكارثة بيئية صغيرة، فالمواد الخرسانية تحتوي على مواد كيميائية تدمر التربة لعقود قادمة." منطقة عسير التي تضم أكثر من 50% من الغطاء النباتي الطبيعي في المملكة، تواجه تهديداً حقيقياً من هذا النوع من التلوث الذي ينتشر بسرعة النار في الهشيم.
التأثيرات تتجاوز التدمير البصري للطبيعة لتطال الحياة اليومية للمواطنين، فالتلوث يهدد المياه الجوفية ويؤثر على الزراعة المحلية والسياحة البيئية التي تعتمد عليها المنطقة. محمد الشهري، الشاب الذي أبلغ السلطات عن المخالفة يقول: "رأيت الشاحنات تفرغ حمولتها ليلاً، وسمعت أصوات الطيور تهرب من المنطقة الملوثة." الناشطون البيئيون يطالبون بتشديد الرقابة وزيادة الغرامات، بينما يشعر المقيمون بالقلق من العواقب القانونية للمخالفات البيئية. هذه القضية فتحت الباب أمام فرص استثمارية في تقنيات التنظيف البيئي وإنشاء شركات متخصصة في الأمن البيئي.
مقيم واحد، مخالفة واحدة، غرامة 10 ملايين ريال - رسالة واضحة وقاطعة من المملكة أن عسير ستبقى خضراء ونظيفة مهما كلف الأمر. القوات الخاصة للأمن البيئي تدعو جميع المواطنين للإبلاغ عن أي حالات اعتداء على البيئة على الأرقام 911، 999، أو 996 مع ضمان السرية التامة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل تستحق لحظة إهمال أن تكلفك 10 ملايين ريال ومستقبلك؟
