في تمام الساعة 15:22:10 من عصر الاثنين، اهتزت أعماق الخليج العربي بقوة 4.16 درجة على مقياس ريختر، في منطقة تضخ أكثر من 20 مليون برميل نفط يومياً وتحتوي على ثلثي الاحتياطي العالمي. رقم قد يبدو صغيراً، لكنه يحمل طاقة تعادل انفجار 1000 طن من المتفجرات في قلب الاقتصاد العالمي. بينما تقرأ هذه الكلمات، فرق الرصد الزلزالي تحلل البيانات بحثاً عن إجابة مصيرية: هل هذه مجرد هزة عابرة أم إنذار لشيء أكبر؟
الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية سجلت اللحظة بدقة متناهية، بينما عاشت فاطمة الخالدي، ربة منزل من الدمام، لحظات رعب وهي تشاهد منزلها يهتز وأطفالها يصرخون من الخوف. "شعرت بالأرض تتحرك تحت قدمي، والنوافذ بدأت تصدر أصواتاً مخيفة"، تحكي فاطمة بصوت مرتجف. د. سعد الجيولوجي، خبير الرصد الزلزالي، أكد أن الأجهزة الحساسة رصدت حركة مفاجئة تحت مياه الخليج، مضيفاً: "الدقة في التوقيت تُظهر تقدم أنظمتنا التقنية، لكن القوة تستدعي المراقبة المستمرة".
الخليج العربي ليس غريباً عن النشاط الزلزالي، فتقاطع الصفائح التكتونية مع النشاط البترولي الكثيف يخلق حساسية جيولوجية طبيعية. هذا الزلزال أقوى من هزة جدة التي سُجلت في 2020 بقوة 3.2 ريختر، لكنه أضعف بكثير من زلزال إيران المدمر 2003 الذي بلغ 6.6 درجة وهز المنطقة بأكملها. د. أحمد العتيبي، أستاذ علوم الأرض، يطمئن الجمهور: "القوة ضمن المعدل الطبيعي للمنطقة، لكن الموقع الاستراتيجي يجعل أي نشاط زلزالي محل اهتمام عالمي".
في غضون ساعات من وقوع الزلزال، شهدت متاجر معدات الأمان والطوارئ إقبالاً كثيفاً من السكان القلقين، بينما راجعت آلاف الأسر خطط الطوارئ المنزلية. محمد العنزي، صياد في الخليج، لاحظ تغيراً مفاجئاً في حركة المياه: "البحر بدا وكأنه يتنفس بشكل مختلف، والأسماك اختفت لدقائق كأنها تشعر بشيء قادم". الخبراء يتوقعون تطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر تطوراً، ومراجعة شاملة لأمان المنشآت النفطية الحيوية، بينما تمثل هذه الحادثة فرصة ذهبية لتطوير صناعة أمان المباني في المنطقة.
4.16 ريختر في الخليج العربي... رقم يحمل تذكيراً صارخاً بأن الطبيعة تملك القدرة على تغيير مجرى التاريخ في ثوان. السؤال الآن ليس إذا كانت ستحدث هزات أخرى، بل متى وكيف سنكون مستعدين لها. حان الوقت لمراجعة خطط الطوارئ العائلية، وإعداد حقائب النجاة، وعدم الاستهانة بإنذارات الأرض الخفية. هل نحن مستعدون فعلاً لما هو أكبر، أم أن هذه الهزة مجرد همسة تحذيرية من أعماق كوكبنا؟