أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، السبت، تلقيها "تقارير موثوقة" تشير إلى احتمال انتهاك وشيك من جانب حركة حماس لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، محذرة من مخاطر هذا الانتهاك على مصير 20 رهينة إسرائيلية ما زالوا محتجزين لدى الحركة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان رسمي: "أبلغت الولايات المتحدة الدول الضامنة لاتفاق السلام في غزة بتقارير موثوقة تُشير إلى انتهاك وشيك لوقف إطلاق النار من قِبل حماس ضد سكان غزة"، مؤكداً أن هذا الهجوم المُخطط له "يُشكل انتهاكًا مباشرًا وخطيرًا" لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في قمة شرم الشيخ.
وحذر البيان الأمريكي من أن أي انتهاك محتمل من جانب حماس "يقوض التقدم الكبير الذي تحقق من خلال جهود الوساطة"، مطالباً الحركة الفلسطينية بـ"الوفاء بالتزاماتها بموجب شروط وقف إطلاق النار". كما هدد البيان بأنه "في حال مُضيّ حماس قُدمًا في هذا الهجوم، سيتم اتخاذ تدابير لحماية سكان غزة والحفاظ على سلامة وقف إطلاق النار".

يأتي هذا التحذير الأمريكي في وقت تشهد فيه عملية تبادل الرهائن والمعتقلين تعقيدات متزايدة، حيث تواجه حماس صعوبات في تسليم رفات جميع الرهائن الإسرائيليين القتلى كما ينص الاتفاق. وقد أكد الصليب الأحمر الدولي أن عملية انتشال جثث الرهائن من تحت أنقاض غزة تمثل "تحدياً هائلاً"، محذراً من احتمال عدم العثور على بعضها إطلاقاً بسبب الدمار الواسع الذي لحق بالقطاع خلال أكثر من عام من الحرب.
ووفقاً لشروط الاتفاق الموقع في 13 أكتوبر الماضي بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تلتزم حماس بالإفراج عن 20 رهينة إسرائيلية ما زالوا أحياء لديها، بالإضافة إلى تسليم رفات جميع الرهائن المتوفين. في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 145 سجيناً فلسطينياً تم إبعادهم عن الأراضي الفلسطينية وفق بنود الاتفاق.
وقد تسلمت إسرائيل حتى الآن رفات أربعة رهائن فقط من حماس، وهو ما اعتبرته مصادر أمنية إسرائيلية "خرقاً فاضحاً" للاتفاق. وهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بقطع إمدادات المساعدات عن غزة إذا فشلت حماس في تسليم باقي رفات الجنود المحتجزين، مما يضع مزيداً من الضغط على الاتفاق الهش.

من جانبها، اتهمت حماس الجانب الإسرائيلي بانتهاك وقف إطلاق النار بعد مقتل سبعة فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من غزة، رغم سريان الهدنة. وقال حازم قاسم الناطق باسم الحركة إن قتل المدنيين الفلسطينيين "يشكل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار"، مطالباً الأطراف الوسيطة بـ"متابعة سلوك الاحتلال وعدم السماح له بالتهرب من التزاماته".
وبرر الجيش الإسرائيلي إطلاق النار بأن الفلسطينيين اجتازوا "الخط الأصفر" الذي انسحب إليه وفق المرحلة الأولى من الاتفاق، واقتربوا من القوات الإسرائيلية المنتشرة في شمال القطاع، مؤكداً أن مثل هذا الاقتراب يشكل "خرقاً" لاتفاق وقف إطلاق النار. وأشار إلى أن قواته اضطرت لإطلاق النار لـ"إزالة التهديد" بعدما رفض هؤلاء الأشخاص الاستجابة لمحاولات إبعادهم.

وتتواصل حالياً في شرم الشيخ المصرية مفاوضات على المستوى الفني بين وفود مصرية وأمريكية وقطرية وتركية لبحث تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق وآلية تثبيت وقف إطلاق النار، بحضور وفد من حماس ووفد إسرائيلي. كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن بعثة المراقبة المدنية على معبر رفح ستعود للعمل اعتباراً من الأربعاء القادم لدعم استقرار وقف إطلاق النار.
ويشكل التحذير الأمريكي من انتهاك وشيك لحماس تطوراً خطيراً قد يهدد مستقبل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات مضنية استمرت شهوراً. فمع استمرار التوترات وتبادل الاتهامات بانتهاك بنود الاتفاق من الطرفين، يبدو أن مصير الرهائن العشرين المتبقين والاستقرار في غزة معلق على خيط رفيع، خاصة وأن أي تصعيد عسكري جديد قد يعيد المنطقة إلى دوامة العنف التي استمرت لأكثر من عام.