في خطوة مفاجئة هزت الأوساط الاقتصادية، أعلنت المملكة العربية السعودية عن منحة بقيمة 368 مليون دولار لليمن، لكن هذه المرة تجاوزت البنك المركزي اليمني تماماً لأول مرة في التاريخ. خبير اقتصادي يحذر: "هذه آخر فرصة للحكومة اليمنية لإثبات جديتها"، بينما يترقب المواطنون والمستثمرون تأثير هذا القرار المصيري على مستقبل الاقتصاد المنهار.
كشف الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن هذا التغيير الجذري في آلية التمويل يعكس "رغبة الرياض في ضبط مسارات الصرف وتفادي أي تسرب أو عبث" شهدته المنح السابقة. أحمد المحمدي، مواطن يمني فقد وظيفته منذ 3 سنوات، يقول بصوت مرتجف: "نحن نراقب كل ريال يدخل البلد، فقد ضاعت مليارات الدولارات في دهاليز البنك المركزي دون أن نرى أثراً حقيقياً على حياتنا." الأموال ستتوجه مباشرة إلى ثلاثة بنود حاسمة: دعم الموازنة العامة، توفير المشتقات النفطية، ودعم مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن.
خلف هذا القرار الاستراتيجي قصة من الإخفاقات المتكررة، حيث تشير التقديرات إلى فقدان 40-60% من المساعدات السابقة لأسباب تتعلق بالفساد وسوء الإدارة. المنحة الجديدة تحمل رسالة سياسية واضحة: المملكة ما زالت تعتبر الحكومة الشرعية شريكها الأساسي، لكنها تربط أي التزامات مستقبلية بتطبيق الإصلاحات والحوكمة الرشيدة. مقارنة بحجم الأزمة، فإن 368 مليون دولار تساوي تكلفة بناء 10 مستشفيات حديثة أو إطعام مليون يمني لسنة كاملة، لكن هل ستصل فعلاً لمستحقيها؟
في الشارع اليمني، يترقب المواطنون بحذر شديد. خالد العامري، تاجر في عدن يراقب تقلبات السوق يومياً، يؤكد: "نشعر بتوتر في المعدة كلما سمعنا أخباراً اقتصادية، لكن هذه المرة هناك أمل حذر." التأثير الفوري بدأ يظهر في استقرار نسبي لأسعار الصرف وتهدئة المضاربين، بينما تعمل د. سارة الحكمي، مديرة مستشفى الأمير محمد بن سلمان، على إنقاذ مئات الأرواح يومياً وتترقب الدعم الإضافي. السؤال الحاسم: هل ستتمكن الحكومة من استغلال هذه "الجرعة الطبية" لإطلاق إصلاحات حقيقية، أم ستكررها مجرد مسكن مؤقت لأزمة مزمنة؟
يختتم الفودعي تحليله بتحذير صارخ: "هذا الدعم رافعة استقرار مؤقتة، والكرة الآن في ملعب الشرعية - إما أن تحوّل هذه المنحة إلى محطة استقرار حقيقية، أو تهدر فرصة جديدة كما أُهدرت فرص سابقة." مع تأثير المنحة على الاقتصاد اليمني الذي يشبه قطرة ماء على نبتة ذابلة، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه بداية نهضة اقتصادية حقيقية، أم مجرد فصل آخر في مسلسل الآمال المخيبة؟